الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 37 - الجزء 5

  قلت: وقد تضمن هذا الحديث آداباً شريفة منها: جواز المرافعة من الإمام وتواضعه وعدم أن يحكم لنفسه

  ووجوب النسوية بين الخصمين لو كان موافقا في الملة الإسلامية

  وعدم العمل بقراين الأحوال في صحة الدعوى لكون المدعي في أعلا درجات الورع بل استند شريح إلى الظاهر وهو ثبوت الملك باليد

  وأنه لا يقبل شهادة الفرع لأصله والعكس على هذه الرواية

  وأن العبرة بمذهب الحاكم في عدم قبول شهادة الفرع

  وانه لا عبرة بمذهب المرافع وغير ذلك من الأحكام التي لم تذكر

(فَصْلٌ)

  في بعض ما يجب أو ينبغي للقاضي أن يستعمله في قضائه وبعض ما يجب تجنبه. وقد تقدم حديث «لا يقضي الحاكم وهو غضبان» وحديث «لا يقضي إلا وهو شبعان ريان» الحديثان يدلان على عدم جواز القضا في أحد هذه الأحوال ونحوها لأنه يشغله عن توفير النظر في الحكم فإن حكم عند أحد هذه الأحوال نفذ حكمه وذلك لما ثبت في الروايات وأن الزبير ورجلا اختصما إلى رسول الله ÷ في شراج الحرة فقال رسول الله ÷ للزبير «إسق أرضك ثم أرسل الماء إلى جارك» فقال الأنصاري وإن كان ابن عمتك فغضب رسول الله ÷ حتى احمر وجهه ثم قال للزبير: «إسق زرعك واحبس الماء حتى يبلغ الجدر ثم أرسله إلى جارك» فحكم في حال غضبه⁣(⁣١) ÷ ولنا به أسوة حسنة.

  ولا يقبل الهدية إلا ممن لا يتهمه ففي الجامع الكافي روي عن جابر عن النبي ÷ أنه قال «هدايا الأمرا غلول»

  ويبدأ بأضعف المدعيين. ففي الجامع الكافي وروي أن النبي ÷ وصي عليا


(١) نوقش على هذا الاستدلال بالفرق بأن عصمته مانعة عن الخطا في الحكم بخلاف من لا عصمة له فغير ممتنع منه الخطا في الحكم انتهي من المؤلف.