الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل في آدابه)

صفحة 452 - الجزء 5

(فَصْلٌ في آدابه)

  قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا ٧١}⁣[النساء] وقال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ٤٥ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ٤٦}⁣[الأنفال] فأمر جل وعلا: بعدم التفرق في الحرب، وانفراد كل واحد عن جماعة، وبالثبات وعدم القرار والفشل من لقاء العدو وذكر الله كثيراً قيل: أراد الدعاء بالإخلاص وقد ورد عن النبي ÷ أن من مواطن الإجابة الدعاء عند التقاء الصفوف. وفي الكشاف: المراد بالانتصار على العدو بالدعاء بأن يقول اللهم اخذ لهم اللهم اقطع دابرهم. وقوله تعالى {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}⁣[الأنفال: ٤٦] أي لا تختلفوا فيما أمرتم به من الجهاد بل يتفق رأيكم.

  وقد يؤخذ من فحوى هذه الآية وجوب تأمير الأمير على الجيش ليدبر أمرهم ويقطع اختلافهم وفي نهج البلاغة من كلام امير المؤمنين في بعض ايام صفين (معاشر المسلمين استشعروا الخشية، وتجلببوا السكينة، وعضوا على النواجذ فإنه أنبأ للسيوف عن الهام، وأكملوا اللّامة وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل سلها، والحظوا الخزر، واطعنوا الشرر، ونافحوا بالظبا، وصلوا السيوف بالخطى، واعلموا أنكم بعين الله ومع ابن عم رسول الله ÷ فعاودوا الكرّ، واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب، ونار يوم الحساب، وطيبوا عن انفسكم نفسا، وأمشوا إلى الموت مشياً سجحا، عليكم بهذا السواد الأعظم، والرواق المطنب، فاضربوا ثبجه، فإن الشيطان كا من في كسره، قد قدم للوثبة يداً وأخَّر للنكوص رجلا، فصمدا صمداً، حتى ينجلي لكم عمود الحق، وأنتم الأعلون والله معكم، ولن يتركم أعمالكم.

  وفيه وكان # يقول إذا لقي العدو محارباً: اللهم إليك أفضت القلوب ومدت الأعناق وشخصت الأبصار ونقلت الأقدام وانضيت الأبدان اللهم قد خرج مكنون الشنان وجاشت مراجل الأضغان اللهم إنا نشكو اليك غيبة نبينا، وكثرة