الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 212 - الجزء 4

  عن أبي هريرة مثل المتن دون القصة وطوله الترمذي ورواه من وجه آخر وبين ان الثواب كان ست بكرات وكذا رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم فدل ما ذكر على اقتضا الثواب ولزومه واستدل من لا يواجبه بقوله ÷ «تهادوا تحابوا» بانها لو كانت الهبة تقتضي الثواب لما حصل التحاب:

  قلت: وهذه العلة قاصرة والاعتماد عليه هو الوجوب للادلة ولقوله تعالى {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ٦٠}⁣[الرحمن] لا سيما اذا كانت الهبة لمن فوقه أو أغنى منه فالظاهر إرادة العوض إذ الاصل يقال الشيء على ملك مالكه ما لم يحصل أحد الموانع المانعة عن الرجوع.

  وأما الصدقة وفضلها وكثير من حكمها وكذلك ما نحله النبي ÷ فدك فاطمة الزهرا صلوات الله عليها فقد ذكر مستوفى في آخر كتاب الخمس ويلحق من الادلة على عدم جواز الرجوع في الصدقة ما في شرح علي بن بلال | حديث عمر الذي روينا عن الطحاوي قال حدثنا نصر بن مرزوق وابن أبي داود قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل عن ابن شهاب قال: أخبرنا سالم بن عبد الله بن عمر كان يحدث أن عمراً تصدق بفرس في سبيل الله فوجده يباع بعد ذلك فأراد أن يشتريه فأتى رسول الله ÷ فاستأمره في ذلك فقال له: رسول الله ÷ «لا تعد في صدقتك».

(فصل)

  والهدية تمليك لا يذكر معه عوض مع حمل المُهْدِي من مكان إلى مكان المُهْدَى اليه اعظاما واكراما: تملك بالقبض ولا يعتبر فيها اللفظ يدل عليه قول الله تعالى {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ٣٥}⁣[النمل] وقوله تعالى {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ٣٦}⁣[النمل] وقال في حاشية الهداية للعلامة ابن الوزير |: روى أن سلمان أهدى إلى فاطمة & فقبلتها. وكان الناصر # يقبلها تارة ويردها أخرى.

  قال الهادي #: «أهدى النجاشي إلى النبي ÷ حرابا وبغلتين