(فصل)
(فَصْلٌ)
  ومع كمال نصاب المقاتلة فإن أجاب المشركون إلى الاسلام وأسلموا أحرزوا دماهم وأولادهم ونسائهم وأموالهم.
  أخرج أبو داوود عن الحارث بن مسلم بن الحارث أن أباه قال بعثنا رسول الله ÷ في سرية فلما بلغنا المغار استحثثت فرسي فتلقاني أهل الحي بالرنين فقلت: لهم قولوا لا إله إلا الله تحرزوا فقالوها: فلامني أصحابي فقالوا أحرمتنا الغنيمة فلما قدمنا على رسول الله ÷ أخبروه بالذي صنعت فدعاني فحسن لي ما صنعت وقال إن الله قد كتب لك بكل إنسان منهم كذا وكذا قال عبد الرحمن بن عوف أنا نسيت الثواب.
  وإن أبوا عن ذلك وكانوا من كفار العجم دعوا إلى الإسلام فإن أبوا، فإلى تسليم الجزية المتقدم ذكرها. فإن لم يحصل قبول لأيهما حوربوا وقتلوا مقبلين واسروا وسبوا واسترقوا واستبيحت أموالهم وجميع ما تحويه أيديهم كما قدمنا لقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥]. وقوله تعالى {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ٧٣] وقوله تعالى {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}[محمد: ٤] الآية.
  قال في الهدي النبوي: وفي صحيح مسلم أنه قال ÷ «إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم الى ثلاث فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم ثم أمره أن يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو يقاتلهم».
  ويعموا جميعا بالقتل الا السبعة الذين ذكرنا متقدما وقد تقدمت الأدلة على عدم جواز قتلهم.
  إلا المتخلى للعبادة فدليل عدم الجواز: ما في شرح التجريد: وروى عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ÷ كان إذا بعث جيوشه قال: «لا تقتلوا أصحاب الصوامع» وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بعث إلى الشام جيوشا فخرج.