الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 272 - الجزء 5

(فَصْلٌ)

  قال الله تعالى {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}⁣[النساء: ٧] الآية.

  سبب النزول روي أن أوس بن ثابت أخا حسان بن ثابت الأنصاري ترك امرأته أم كحة وثلاث بنات وله أبنا عم: سويد وعرفطة وقيل قتادة وعرفجة فزويا ميراثه عنهن وكانت الجاهلية لا يورثون الأطفال والنساء ويقولون لا يرث إلا من طاعن بالرماح وذاد عن الحوزة وحاز الغنيمة فجاءت ام كحة إلى رسول الله ÷ وهو في مسجد الفضيخ في المدينة والفضيخ موضع كانوا يفضحون فيه النبيذ فشكت إلى رسول الله ÷ فقال: لها «ارجعي حتى أنظر ما يحدث الله» فنزلت الآية فبعث إليها لا يفوتا في المال فإن الله قد جعل لهن نصيباً ولم يبين حتى يبين فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}⁣[النساء: ١١] الآية فأعطى أم كحة الثمن والبنات الثلثين ودفع الباقي إلى ابني العم وروي إلى العم بدل إبني العم وقيل: أنها نزلت في ورثة سعد بن الربيع سيأتي الحديث قريبا في ميراث البنين إنشاء الله تعالى بتمامه وروايته. وفي الآية دلالة على مخالفة ما كانت عليه الجاهلية من قطع ميراث النسا والصبيان. وقد شرع في موافقة الجاهلية في الزمان هذا بداوة اليمن من حاشد وبكيل في إحرام النسا ميراثهن قيض الله من يهدم لهم الاركان من أهل الإيمان⁣(⁣١).

  وفي الآية دلالة له على أن جميع تركة الميت مقسومة لقوله تعالى {مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ}⁣[النساء: ٧] وقوله تعالى {مِمَّا تَرَكَ}⁣[النساء: ٧] وذلك لفظ عام وهو يرد قول الإمامية الذين قالوا: يختص ابن الميت الذكر بسلاحه وثيابه. وفي هذه الآية دلالة على ثبوت ميراث ذوي الأرحام لقوله تعالى {مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ}⁣[النساء: ٧] والعم من الأقربين وكذلك ابن الأخ من الأقربين فيلزم أن ترث بنت العم وبنت الأخ وسيأتي مباحث في ميراث ذوي الأرحام ومن قال بتوريثهم من أهل البيت $.


(١) لعل هذا كان في فترة غزو العثمانيين أما اليوم فالشريعة قائمة في المواريث حسب الآية الكريمة والسنة النبوية.