الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (وإذا احتاج الحاكم أن يحاكم غيره)

صفحة 35 - الجزء 5

  عمرو بن حرم إلى اليمن قاضيا كتب له عهدا اشتمل على أحكام كثيرة، وقد جرت عادات الصحابة بكتب العهود كما فعل أمير المؤمنين علي # لمحمد بن أبي بكر، وللأشتر، وغيرهم

  وفي الشفا لما بعث أبو بكر أنساً إلى البحرين كتب له كتابا وختمه بخاتم رسول الله ÷ دل على انه ينبغي للإمام أن يكتب العهود لامرائه وقضاته

(فَصْلٌ) (وإذا احتاج الحاكم أن يحاكم غيره)

  فعندنا أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم لنفسه بل يتحاكم هو ومن يحاكمه إلى غيره من العلماء

  ففي الأحكام بلغنا عن أمير المؤمنين # أنه وجد درعاً له عند نصراني فأقبل به إلى شريح قاضيه على المسلمين يخاصمه عنده فلما رآه شريح: رحل له عن مجلسه فقال: فجلس إلى جنبه ثم قال يا شريح أما إنه لو كان خصمي مسلماً ما جلست إلا معه في مجلس الخصومة ولكنه نصراني وقد قال رسول الله ÷ «إذا كنتم وإياهم في طريق فالجئوهم إلى مضايقة وصغروا بهم كما صغر الله بهم من غير أن تظلموهم» ثم قال # يا شريح إن هذه الدرع درعي لم أعرو لم أهب فقال شريح للنصراني: ما تقول في ما قال أمير المؤمنين فقال: ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين بكاذب قال فالتفت شريح إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين هل من بينة قال: فضحك على وقال: أصاب شريح مالي بينة فقضى بالدرع للنصراني قال: فقام النصراني فمشى هنيهة ثم قال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء والمرسلين أمير المؤمنين يمشى معى إلى قاضيه فقضى عليه أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الدرع درعك والله يا أمير المؤمنين اتبعت الجيش وأنت منطلق إلى صفين فجرريها من بعيرك الأورق قال أمير المؤمنين: أما إذا أسلمت فهي لك وحمله على فرس، وقاتل مع أمير المؤمنين يوم النهروان