(فصل)
  عبد الله بن أبي أوفى بالإستاد المتقدم عن طلحة بن مصرف قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل كان رسول الله ÷ أوصى؟ فقال لا فقلت: وكيف كتب على الناس الوصية أو أمر بالوصية؟ فقال أوصى بكتاب الله ... إلى أن قال وفي حديث وكيع: قلت فكيف أمر الناس بالوصية؟ وفي حديث ابن نمير: كيف كتب على الوصية؟ وليس لطلحة بن مصرف عن ابن أبي أوفى في الصحيحين غير هذا الحديث الواحد. وقال فيه: ومما يدل على وجوب الوصية ما هو مذكور بالإسناد المتقدم قال: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو وهو ابن الحارث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله ÷ قال: «ما حق امرئ مسلم له شي يوصي فيه يبيت ثلاث ليال الا ووصيته مكتوبة عنده». قال عبد الله بن عمر: ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله ÷ يقول «ذلك الا وعندي وصيتي». وساق بعد ذلك في وجوب الوصية طرفا آخر برواية مسلم. ومن الجمع بين الصحيحين للبخاري ومسلم هذا الحديث قلت: وهذا الحديث أخرجه الستة بروايات مختلفة متعددة. وهو مروى في كتب الائمة $ مصححا وأخرج البغوي في تفسير قوله تعالى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ٢١٤}[الشعراء] روى محمد بن عبد الحق عن عبد الغفار عن المنهال بن عمرو عن عبد كبير بن جرير بن نوفل عن ابن عباس ® عن أمير المؤمنين علي #.
  قال: لَّما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله ÷ فقال: «يا على: إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعرفت أني متى أباديهم بهذا الأمر رأيت منهم ما اكرهه فصمت عليها حتى جاءني جبريل # فقال يا محمد: إلاَّ تفعل ما تؤمر يعذبك ربك». وساق البغوي الحديث حتى قال: «وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه. فأيكم يوازرني على أمري ويكون أخي ووصي وخليفتي فيكم. فأحجم القوم عنها جميعا. فقلت وأنا أحدثهم سِنَّا أنا يا نبي الله أكون وزيرك ثم أخذ برقبتي فقال: هذا أخي ووصبي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا فقام القوم يضحكون وقالوا لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع».
  قلت: فبهذا ثبت شرعية الوصية ووجوبها بما ثبت من قول النبي ÷ وفعله:
  وثبت أيضا بما قدمنا من روايات كتب الأئمة $ وكتب المحدثين بأن الوصي امير المؤمنين علي بن أبي طالب $ فصار اعتقاد ذلك من الشريعة