الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 360 - الجزء 5


=

يا حامل الجرزة من جزر الحطب، ... أما ترى وأنت شيح مُنْحَدب،

وفيك علم ووقارٌ وأدب، ... إن الذي نُبِّاء زور وكذب.

محمد، أفسد ديوان العرب،

فأنشاً الثعلب يقول:

إن الذي تسمعه يبغيني، ... ملعون جن أيا ملعون.

يدين في الله بغير دين، ... يغريك في عمداً لكي ير ديني.

فامنن فدتك النفسى بالتهوين، ... على أخ مضطهد مسكين.

إن لم تغتني غلقت زهوني.

قال: فأتيته فحللته.

وفيها: قال أخبرنا أبي | قال أنبأنا أبو أحمد اسحاق بن محمد المقري الكوفي قال: انبأنا محمد بن سهل من ميمون العطار قال: أنبأني ابو محمد عبد الله بن محمد البلوي قال: حدثني عمارة بن زيد قال: حدثني بكر بن حارثة عن محمد بن اسحاق عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن عمر الخزاعي عن هند بنت الجون قالت: «نزل رسول الله ÷ خيمة خالتها أم معبد ومعه أصحاب له وكان من أمره في الشاة ما عرفه الناس، فَقَالَ في الخيمة هو وأصحابه حتى أبردوا وكان يوما قائظا شديداً حَرَّه فلما قام من رقدته دعا بماء فغسل به يديه فأنقاهماً ثم مضمض فاه ومجه إلى عوسجة كانت إلى جانب خيمة خالتها فلما كان من الغد أصبحنا وقد غلظت العوسجة، حتى صارت أعظم دوحة عادية رأيتها وشذب شوكها، وساخت عروقها، واخضر ساقها، وورقها، ثم اثمرت بعد ذلك واينعت بثمر أعظم ما يكون من الكمأة في لون الورسى المسحوق، ورائحة العنبر، وطعم الشهد، والله ما أكل منها جائع إلا شبع، ولا ظمآن الإِ روي، ولا سقيم ألا برى، ولا أكل من ورقها بغير إلا سمن ولا ناقة ولا شاة الا در لبنها، ورأينا النما والبركة في أموالنا منذ نزل رسول الله ÷ وأخصبت بلادنا، وأُمرعت، فكنا نُسمي تلك الشجرة المباركة وكان مَن يَنْتَابِنا من حولنا. من الوادي يستشفون بها ويتزودون من ورقها ويحملونها معهم في الارض القفار فيقوم لهم مقام الطعام والشراب فلم نزل كذلك وعلى ذلك حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها وصفر ورقها فحزنا لذلك وُفزعنا له فما كان إلا قليلاً حتى جاء نعي رسول الله ÷ فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم. فكانت بعد ذلك تثمر دون تلك في الطعام والعظم والرائحة وأقامت على ذلك ثلاثين سنة فلما كان ذات يوم أصبحنا فإذا بها قد اشوكت من أولها إلى آخرها وذهب نضارة عيدانها، وتساقط جميع ثمرها فما كان إلا يسيراً حتى وافانا مقتل أمير المؤمنين علي # فما اثمر بعد ذلك قليلا ولا كثيرا وانقطع ثمرها ولم نزل ومن حولنا نأكل من ورقها ونداوى به مرضانا ونستشفى به من اسقامنا فأقامت على ذلك مدة وبرهة طويلة ثم أصبحنا واذا بها يوما قد نبعت من ساقها دم عبيط جارٍ وورقها ذابل يقطر ماء كما اللحم فعلمنا أن قد حدث حدث فبتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية فأتانا مقتل الحسين بن علي @ ويبست الشجرة وجفت وكسرتها الرياح والامطار بعد ذلك فذهبت واندرس اصلها قال محمد بن سهل وهو أحد الرواة فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول ÷ فحدثته بهذا الحديث فقال حدثني أبي عن جده عن أمه سعدى بنت مالك الخزاعية أنها أدركت تلك الشجرة وأكلت من ثمرها على عهد أمير المؤمنين # قال دعبل فقلت قصيدقي:

زر خير قبر بالعراق يزار، ... واعص الحمار فمن نهاك حمار.

لم لا أزورك يا حسين لك الفدا، ... نفسي ومن عطفت عليه نزار.

ولك المودة في قلوب أولى النهى، ... وعلى عدوك مقتة ودمار.

=