الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[رأي أبي بكر فيما جمعه من الحديث ورأي عمر في نقل الحديث، وأن الصحابة كانوا يجرحون بعضهم بعضا]

صفحة 31 - الجزء 1

  وأخرج الحاكم في مستدركه، في جملة حديث ذكر عند عائشة: «أن عليًا ~ قتل ذا الثديّة فقالت لي⁣(⁣١): إذا أنت قدمت الكوفة فاكتب لي ناساً ممن شهد ذلك ممن تعرف من أهل البلد، فلما قدمت وجدت الناس أسباعاً، فكتبت لها مِن كل سبع عشرة مِمَّنْ شهد ذلك، قال: فأتيتها بشهادتهم فقالت: لعن الله عمرو العاص فإنه زعم لي أنه قتله بمصر» قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

  «وفي مسند علي بن أبي طالب» # رواية عمر بن حفص، عن عبد الله بن أبي شيبة بإسناده إلى نعيم بن دجاجة قال: كنت جالساً عند علي # إذ جاء أبو مسعود البدري، فقال #، وقد جاء فَرُّوج فجاء فجلس فقال علي #: إنك تفتي الناس؟! قال نعم، وأخبرهم أن الآخر شر قال فأخبرني هل سمعت من شيءٍ؟ قال نعم، سمعته يقول: لا يأتي على الناس سنة مائة وعلى الأَرض عين تطرف، فقال علي # أخطأت استك الحفرة، وأخطأت في الأول فَتْوَاك «إنما قال لمن حضر يومئذ: هل الرخاء إلا بعد المائة».

  أخرج هذا الحديث أبو يعلى عن نعيم بن دجاجة عن علي #، وقال في مجمع الزوائد: ورجاله ثقات، وقوله: الآخر شر، معرضاً بعلي ابن أبي طالب ~.

  قلت وبالله التوفيق وفيما ذكرنا في هذا الفصل دلالة على أن الصحابة كانوا يجَرِّحون، ويُخطِّاء بعضهم بعضاً، وذلك معلوم من حالهم لا ينكره إلا مكابر. وكذلك التابعون فإنهم من عرفوا جرحه من الصحابة جرحوه.

  «ومن ذلك» ما رواه الذهبي في تذكرة الحفاظ قال: قال الحاكم في ترجمة الشعبي وسرد إسناده إلى ربيعة بن يزيد قال: قعدت إلى الشعبي بدمشق في خلافة عبد الملك، فحدث رجل من الصحابة عن رسول الله ÷ في أنه قال: «اعبدوا ربكم ولا تشركوا به شيئاً، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وأطيعوا الأمراء، فإن كان خيراً فلكم، وإن كان شراً فعليهم، وأنتم منه بُرآء» فقال له الشعبي: كذبت.


(١) يعني لمسروق بن الأجدع لأنه راوي الحديث انتهي نقلا من هأمش الأصل.