(فصل في رواتب الفرائض)
(مسجد رسول الله ÷)
  روي ابن هشام في سيرته عن ابن اسحاق في حديث طويل قال: «فانطلقت راحلته ÷ حتى أتت دار بني مالك ابن النجار فبركت على مسجد رسول الله ÷ يومئذ مِرْبَد لغلامين يتيمين من بني النجار ثم بني مالك وهما في حجر معاذ بن عفرا: سهل وسهيل بني عمرو. فلما بركت ورسول الله ÷ لم ينزل وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله ÷ واضع لها زمامها لا يثنيها به ثم التفتت خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه، ثم تحلحلت ورزمت ووضعت جرانها فنزل عنها رسول الله ÷ فأحتمل أبو أيوب خالد بن زيد ¥ رحله فوضعه في بيته ونزل عليه رسول الله ÷ وسأل عن المربد لمن هو فقال معاذ بن عفرا: هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان وسأرضيهما عنه؛ فاتخذه مسجدًا فأمر به رسول الله ÷ أن يبني ونزل رسول الله ÷ على أبي أيوب ¥ حتى بنى مسجده ومساكنه فعمل فيه رسول الله ÷ ليرغب المسلمون في العمل فيه فعمل فيه المهاجرون والأنصار ودأبوا فيه فقال قائل من المسلمين: لئن قعدنا والنبي ÷ يعمل: لذاك منا العمل المضلل؛ وارتجز المسلمون وهم يبنونه ويقولون:
  لا عيش الا عيش أهل الآخرة ... اللهم ارحم الأنصار والمهاجرة.
  قال ابن هشام: هذا كلام وليس بالرجز.
  قال ابن اسحاق فيقول رسول الله ÷ لا عيش الا عيش أهل الآخرة. اللهم ارحم المهاجرين والأنصار فدخل عمار بن ياسر ® وقد اثقلوه باللبِن فقال: «يا رسول الله يحملون عليّ ما لا يحملون. قالت أم سلمة زوج النبي ÷ فرأيت رسول الله ÷ ينفض وفرته بيده وكان رجلًا جعدًا وهو يقول: «ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية».
  وارتجز علي بن أبي طالب يومئذ:
  لا يستوي من يَعْمُرُ المساجدا ... يدْأبُ فيها قَائمًاً وقاعدًا
  ومَنْ يُرَى عَنِ التُّراب حائدًا