الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل في من إليه أخذ الزكاة) (وفي الدعاء لأهلها وفي تعجيلها) (وفي من تصرف إليه وفي تحريم الرشوة)

صفحة 275 - الجزء 2

  وفي شرح التجريد وروى عن النبي ÷ أنّه قال: «ما بال أقوام نبعثهم فيجيئون فيقولون هذا لي وهذا لك. أفلا جلس في بيت أمه» وهذا في أصول الأحكام وفي الشفا.

  وفيه أيضًا عن أمير المؤمنين # أنّه قال: «هدايا الأمراء غلول». وهذا في أصول الأحكام، وفي الشفا، وفي الأحكام.

  وفي ذلك ما بلغنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ أنّه استعمل رجلًا على بعض الأعمال فلما كان رأس السنة عزله فأتي⁣(⁣١) بشليف من دراهم حتى طرحه بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ فقال: يا أمير المؤمنين هذا أهداه لي أهل عملي ولم يهدوه قبل أن تستعملني ولا بعد أن نزعتني، فإن كان لي أخذته والاّ فشأنك به فقال له امير المؤمنين #: أحسنت لو أمسكته كان غلولاً وأمر به لبيت المال.

  وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس ® قال، قال رسول الله ÷ لمعاذ بن جبل لما بعثه إلى اليمن «إنّك ستًاتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعو لك بذلك فأخبرهم أنّ الله قد فرض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم. فإن أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم. واتق دعوة المظلوم فإنّها ليس بينها وبين الله حجاب». ذكره في تحفة المحتاج.

  وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي حميد الساعدي قال «استعمل النبي ÷ رجلاً على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي. فقام رسول الله ÷ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإنّي أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاّني الله فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا لي. أفلا جلس في بيته أو بيت أمه حتى تأتيه هديَّتُه إن كان صادقًا؟ والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئًا بغير حقه إلاّ لقي الله تعالى يَحْمِلْهُ يوم القيامة إن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر⁣(⁣٢) ثم رفع حتى رؤي بياض إبطيه، يقول: اللهم بلغت».


(١) التشليف بالشين المعجمة والفاء وفي القاموس بالسين المهملة: الجراب الضخم انتهى.

(٢) الذي في جامع الأصول عن النبي ÷ أئّه قال في خبر طويل ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار الخ قال اليعار صوت الشاة وقد يعرت الشاة تبعر بُعَارا بالضم تمت.