الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (وولايتها إلى الإمام)

صفحة 277 - الجزء 2

(فصل) (وولايتها إلى الإمام)

  لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣] الآية وقوله ÷: «أمرت أنّ آخذها من أغنيائكم وأرُدَّها في فقرائكم» رواه في الشفاء. وفيه أيضًا قوله ÷ «أربعة إلى الولاة، وفي رواية، إلى الأئمة: الجمعة، والحدود، والفيء، والصدقات».

  ومن المعلوم أنّ النبي ÷ كان يبعث سعاته ومُصدقيه لأخذ الصدقات وكذلك الخلفاء من بعده حتى أنّ أبا بكر أطلق على من منع الزكاة اسم الردة وقَتَل وسَبَا.

  وفي كتاب الرسالة الهادية بالأدلة البادية في بيان أحكام الردة للمنصور بالله # بعد أن بيّن الفرق التي ارتدَّت بعد موت النبي ÷ وعددها إلى أن قال: وفرقة أقروا بالإسلام ولم ينقصوا حرفا واحداً، إلا الزكاة فقالوا: كانت تأديتها تجب إلى النبي ÷ وبعد موته يفرقها أربابها في مستحقيها فخالفوا ما علم من دين النبي ÷ ضرورة أنّما كان له من الإمرة في الأمة كان للإمام القائم بالحق من بعده ثم قال: إنّ جل الصحابة قالوا لأبي بكر لو تركتهم والصدقة حتى يتقوى أمرنا ويرجع إلينا بعض ما نريد من قوتنا لكان أولى فقال: والله لو منعوني عناقاً مما أعطوه رسول الله ÷ لقاتلتهم عليه.

  ولا خلاف نعلمه بين أحد من المسلمين العلماء أنّ أبا بكر ما قاتل إلا المرتدَّة فجعلوا منع الصدقة رِدَّةً.

  ثم ذكر قصة حربهم إلى أن قال ولما غلب المسلمون عبسًا وذبيان على بلادها قال أبو بكر: حرام على بني ذبيان أن يتملكوا على هذه البلاد إذ غَنَمَنَاها الله تعالى ولما دخلوا في الباب الذي خرجوا منه طلبوا تسكين بلادهم فقال أبو بكر: ليست لكم ببلاد وقد أفاءها الله علينا وأحماها وأرعاها. وهذا مما لا يجهله أهل العلم وما كان من القوم أكثر من منع الصدقة.