(فصل) (فيما يستحب من الصدقة وما لا يجوز)
  فأخذها رسول الله ÷ فحذفه بها ولو أصابته أوجعته أو عقرته ثم قال ÷: «يأتي أحدكم بما يملك ثم يقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف الناس. خير الصدقة ما كان عن ظهر(١) غنى» وهو في تجريد جامع الأصول عن جابر.
  وفي الجامع الصغير، عن النبي ÷ أنه قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول»، قال: رواه البخاري وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة مرفوعًا ورواه البغوي في الصحاح من المصابيح.
  وفيه أيضًا،. عن النبي ÷ أنه قال «خير الصدقة ما أبقت واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول». قال رواه البخاري في صحيحه وفي الأدب له. والطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعًا.
  دل ذلك على أن الإجْحَافَ بالمال المؤدي إلى الحاجة إلى الناس منهيٌّ عنه وأن الإنسان إذا تصدق بأكثر ماله وكان القليل منه يكفيه ومن يمون ولا يجحف بحاله أنه مشروع مستحب وليس لذلك حَدٌ إلا إن يتكفف الناس.
  وأما قوله تعالى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٩}[الحشر] وقوله تعالى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ}[الإنسان: ٨] أي على حب الطعام والحاجة إليه فالمراد به مقدار الوجبة والوجبتين من نحو الغداء والعشاء وما لا يُجْحِف كما ورد بطُرُقٍ عدَّة.
  منها ما رواه الحاكم عبيد الله بن عبد الله بن أحمد الحسكاني المحدث النيسابوري ¦ في كتابه شواهد التنزيل: أخبرنا أحمد بن الوليد بن أحمد بقراءتي عليه من أصله: أخبرني أبي أبو العباس الواعظ حدثنا أبو عمر عبد الله بن محمد بن الفضل النحوي ببغداد في جإنب الرّصَافَة إملاءً سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا البصري حدثنا الهيثم بن عبد الله الرساني حدثني علي بن موسى الرضى: حدثني أبي موسى عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي عن أبيه الحسين عن أبيه علي بن أبي طالب $ قال: لما مرض الحسن والحسين عَادَهُمَا رسول الله ÷ فقال لي: «يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك
(١) وروى هذا الحديث بمعناه أبو داود عن جابر بن سمرة ذكره في تجريد جامع الأصول تمت.