[الإقناع بالحجة الواضحة على وجوب الاعتصام بحبل الله وحرمة التفرق في الدين]
  دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}[الأنعام: ١٥٩] أي فِرَقًا، وهي بمعنى الأولى، لمفارقتهم دينهم، بأن كانوا شِيَعًا أي فرقًا. وقال الله سبحانه وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}[الشورى: ١٣] وقال سبحانه وتعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ٣٢}[الروم] جعل الله سبحانه وتعالى المفرقين لديهم، باتباعهم أهل البدع مشركين، يؤيد ذلك قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١].
  قال أبو طالب # في الأمالي: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن نوكِرد الإستراباذي، وقال: حدثنا يحياى بن أكتم، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن عطية بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم قال: أتيت رسول الله ÷ فسألته أو فَسُئِلَ عن قول الله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة: ٣١] فقال رسول الله ÷: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا يحلون لهم ما حرّم الله فيستحلونه، ويحرمون عليهم ما أحل الله فيحرمونه.
  (وفي الكشاف) في تفسير هذه الآية الكريمة ما لفظه: وعن عدي بن حاتم: انتهيت إلى رسول الله ÷ وفي عنقي صليب من ذهب فقال: أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرمه فتحلونه،؟ قلت: بلى، قال: تلك عبادتهم(١).
(١) أخرج الطبراني في معجمه الصغير عن عمر بن الخطاب أن رسول الله ÷ قال لعائشة (يا عائشة: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا أصحاب البدع وأصحاب الأهوى ليس لهم توبة أنا منهم بريء وهم مني برآء).