الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في حكم الأمة المزوجة اذا عتقت)

صفحة 286 - الجزء 3

  الرحمن فقال: لا أدري أحر أم عبد. وفي رواية لأبي داود «ان بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد، فخيرها رسول الله ÷ وقال لها: إن قربك فلا خيار لك». وفي أخرى: أن زوج بريرة كان حرا حين اعتقت، وأنها خيرت فقالت: ما أحب أن اكون معه وان كان لي كذا وكذا. وللترمذي روايتان احداهما كان زوج بريرة عبدا. في أخرى كان زوج بريرة حرا.

  وأخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: «ان زوج بريرة كان عبدا يقال له المغيث كأني أنظر إليه خلفها ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي ÷ للعباس: يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا؟ فقال النبي ÷ لو راجعته؟ فقالت: يا رسول الله: تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع قالت: فلا حاجة لي فيه».

  وقد أول ائمتنا $ رواية من روى أنه عبد باحتمال أنه كان عبدا اعتبارا بما كان عليه قبل العتق كما قال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}⁣[النساء: ٢] فسماهم يتامى بعد البلوغ وأنسة الرشد اعتبارا بما كانوا عليه مع أنه لو لم تثبت رواية انه كان حرا وثبت انه كان عبدا لم يكن للمخالف فيه حجة لأن قضاء النبي ÷ قضاء في الجميع لا يجب ان يميز فيه حر من عبد إلا أن تمنع دلالة على ذلك.

  وأما الحديث الذي أخرجه أبو داود «عن عائشة أنها أرادت أن تعتق مملوكين لها زوج فسألت النبي ÷ عن ذلك، فأمرها النبي ÷ أن تبدأ بالرجل قبل المرأة «فليس فيه حجة لمن يقول ليس لها أن تفسخ إذا كان حرا؛ إذ الأمر منه ÷ بتقديم الرجل على السنن الذي فضلهم الله به من الطاعات، وتقدمهم في صفوف الجماعات، واجزائهم في الشهادات، والله أعلم.

  وأما العبد لو اعتق فلا خيار له إذ الطلاق بيده. والله أعلم.