الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب الخلع)

صفحة 329 - الجزء 3

  «قال رسول الله ÷ للمختلعة طلاق ما كانت في عدتها: فهو محمول على سنية استقبال الطلاق بالعدة. وإنما جعلناه على ذلك لكثرة الطرق بأن الخلع طلقة باينة ولعمل الأكثر به والله اعلم. وهذا مع فرض صحة السند لأنه روي مرسلاً. ويقوي ما ذكرنا ما رواه في الأمالي بلفظ: حدثنا محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن سفيان بن عيينة، عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: «ليس الطلاق بعد الخلع بشيء». وسيأتي ما يقوي هذا في آخر الباب.

  في الأحكام: قال يحيى بن الحسين سلام الله عليه لا يجوز لرجل أن يخالع بشيء يأخذه منها إلا أن يخاف أن لا يقيم حدود الله وأن لا تقيمه الزوجة. وفيه: ويكون مبتدا طلب ذلك منها وتكون ظالمة أي ناشرة. ويدل عليه ما تقدم، وما في شرح الأحكام لعلي بن بلال: أخبرنا السيد أبو العباس | قال: أخبرنا أبو زيد العلوي قال: حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عباس، عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن أبي جعفر الباقر قوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٢٢٩] إلا أن تكون ناشرة ونشوزها أن لا تقرب فراشه ولا تطيع أمره ولا تبر قسمه. فإذا خيف ذلك منهما فلا جناح عليهما فيما افتدت: أن تفتدي بما أعطاها. وإن كان النشوز من قبله فلا يحل له أن يأخذ منها شيئا مما أعطاها تفتدي.

  وفيه ايضاً: نزلت الآية في جميله بنت عبد الله بن أبي بن سلول المنافق كانت امرأة ثابت بن قيس بن شماس: ضربها ثلاث مرات، وكسر يدها في الرابعة فأتت رسول الله ÷ فسأله فقال: هي احب الناس إلي. وقالت هي: لا حاجة لي فيه.

  وروينا عن أبي صالح عن ابن عباس {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٢٢٩] أي ما فرض لكل واحد منهما على صاحبه. فإن خفتم معنى علمتم أن لا يقيما حدود الله وقوله تعالى {فَلَا تَعْتَدُوهَا}⁣[البقرة: ٢٢٩] قال بن عباس: لا تتجاوزوها. {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٢٢٩] قال: تجاوزها {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٢٢٩}⁣[البقرة] قال لأنفسهم بمعصيتهم.

  .