(باب الحضانة)
  وهذا يعمل فيه على العموم بتقديم الأمهات إلا ما خصه دليل.
  قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة # في كتاب البيان والثبات: فإن حق الوالد يترتب على قيام الوالد بحق الولد قال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤}[الإسراء] فوجوب الترحم عليها فرع على تقدم التربية منهما.
  وفي الشفا عن أبي هريرة قال: «جاءت امرأة إلى النبي ÷ فقالت: يا رسول الله: إن زوجي يريد يذهب بابني وإنه قد سقاني من بير أبي عنبة(١) وقد نفعني. فقال رسول الله ÷: إستهما عليه. فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ فقال الله رسول الله ÷ هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت. فأخذ بيد أمه فانطلقت به». أخرج هذا الحديث بأكثر اللفظ أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنة، وابن ماجه، ورواه ابن حبان في صحيحه بنحوه: ورواه ابن ابي شيبة وقال: «إن النبي ÷ قال: إستهما. وصححه ابن القطان. حكى ذلك في التلخيص لابن حجر. وأخرجه أصحاب السنن بلفظ أخصر قال «ان النبي ÷ ما بين أبيه وأمه فاختار أمه. فأخذ بيدها فانطلقت به». وهذا لفظ الترمذي.
  فدل بظاهره على عدم خصوصية الأب بولده الذكر بعد الاستقلال لكن. قال في البحر قلنا لا يهتدي الى مصلحة فيخير وفعله ÷ يحتمل أنه لعدم أمانة الأب وغير ذلك.
  وقلت: ورواية استهما عليه يدفع هذا الاحتمال.
  وأما ما رواه في الشفا عن عمارة بن أبي ربيعة المخزومي أنه قال قتل أبي فخاصم عمي أمي فِيَّ إلى علي # ومعي أخ لي صغير فخيرني علي # فاخترت أمي وقال: لو بلغ هذا لخيرته.
  وفي بعض الأخبار: عن عماره أنه قال كنت ابن سبع سنين أو ثمان.
  وفيه خبر عن عامر بن عبد الله أنه قال خاصم عمي أمي فأراد أن يأخذني فاختصما الى علي بن أبي طالب ¥ فخيرني على ثلاث مرات فاخترت أمي فدفعني اليها.
(١) بكسر العين وفتح النون: معروفة بالمدينة عندها عرض النبي ÷ أصحابه لما سار إلى بدر انتهى