الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في نفقة الأقارب)

صفحة 390 - الجزء 3

  عندي آخر. قال: تصدق به على خادمك. قال: عندي آخر. قال أنت أبصر».

  قال في التلخيص: أخرج هذا الحديث الشافعي وأحمد وأحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة. قال ابن حزم: اختلف يحيى القطان والثوري فقدم يحيى الزوجة على الولد وقدم سفيان الولد على الزوجة. فينبغي أن لا يقدم أحدهما على الآخر.

  وأخرج النسائي روايات متعددة أحدها عن عبد الله قال: «سألت رسول الله ÷ أي الذنب أعظم؟ قال: الشرك؛ أن تجعل لله ندا وأن تزني بحليلة جارك وأن تقتل ولدك مخافة الفقر أن يأكل معك» ثم قرأ عبد الله {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}⁣[الفرقان: ٦٨].

  قلت: وظاهر الدليل: ولو كان ولده الطفل ذا مال، فإن أعسر الأب ولا كسب له فنفقة الطفل من ماله إجماعا، والجد في انفاقه لولد ولده كسائر القرابة، ومن أوجبها عليه دون الأم بدليل قوله تعالى {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}⁣[الحج: ٧٨] و {يَا بَنِي آدَمَ}⁣[الأعراف: ٢٦] فليس بحجة لأن الجد ليس بأب حقيقة إنما أجرى عليه الأب من باب المجاز. ونفقة الأبوين المعسرين على الولد المؤسر وما يتبع النفقة. قال الله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}⁣[النساء: ٣٦] في آيات متعددة، وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}⁣[العنكبوت: ٨] وقال تعالى: بعد ذكرهما {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}⁣[لقمان: ١٥].

  وتقدم حديث «أنت ومالك لأبيك» وهو يدل على جواز التصرف من الأب في ملك ابنه إذا كان معسرا وكان موثوقاً به.

  وفي الشفا: عن عائشة عن النبي ÷ أنه قال: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه».

  وفي الجامع الصغير للسيوطي قال رسول الله ÷: «ان اطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم». قال أخرجه البخاري في التاريخ والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة.