الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) وإذا تلف المبيع قبل التسليم إلى المشتري.

صفحة 89 - الجزء 4

  صاحب المتاع: لا أتركك بخرج لمتاعي حتى توفيني باقي الثمن ولزمه عنده ثم تلف كان ضمانه على البايع.

  وفيه قال: ولو اشترى رجل من رجل شيئاً فوضعاه علي يدي رجل عدل حتى يوفيه ثمنه فتلف ذلك الشيء كان من مال البايع ولم يلزمه المشتري لأنه لم يسلم له ولم يقبضه اياه. انتهى.

  ويلزم البائع رد الثمن ان كان قد قبضه المشتري. عند العتره والفريقين لقوله ÷: «ان بعت تمراً فاصابته جائحة فلا يحل ان يأخذ منه» الحديث الذي سيأتي عن جابر من رواية مسلم وابي دواد والنسائي. وأما بعد التسليم فمن مال المشتري ولو بآفة سماوية تلف بعده في يد البايع وندب له وضع الجوائح.

  في الشفا: عن النبي ÷ انه قال: «ان بعت من أخيك تمراً فاصابته جائحة فلا تأخذ منه شيئا، ولم تأخذ مال أخيك بغير حق؟».

  وفيه وعن جابر «أن النبي ÷ أمر بوضع الجوائح».

  وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن جابر قال: قال رسول الله ÷: «إن بعت من أخيك تمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً. بم تأخذ بغير حق؟» واللفظ لمسلم. وفي رواية «أمر رسول الله ÷ بوضع الجوائح».

  وأخرج ابن ماجة عنه أن رسول الله ÷ قال: «من باع تمرأ» الحديث باختلاف يسير. قال أبو داود ولم يصح في الثلث شيء أي عند مالك إن كانت دون الثلث فمن مال المشتري وإن كانت أكثر فمن مال البائع».

  قلت: وما ذكر من وضع الجائحة للمشتري إنما هو على جهة الندب لا على جهة الوجوب كما ذكره المخالف لأن الأحاديث مصرح فيها أن المشتري مسلم فبم يستحل البايع ما له وهم لا يفرقون بين أن يكون المشتري مسلما أو غيره في وضع الجائحة بأن المشتري المجتاح يوضع ولما أخرج النسائي عن أبي سعيد الخدري قال «أصيب رجل في عهد رسول الله ÷ في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله ÷: تصدقوا فتصدقوا عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله ÷ خذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك». فلو كان الوضع بعد القبض للمشتري واجباً لما قال للبايعين خذوا ما وجدتم إنما امر الناس بالتصدق فقط فتبين أن الوضع بعد القبض على جهة الندب وأما لو كانت الجائحة صادرة من المشتري وبفعله فمن ماله لأن الجناية منه على المبيع بمثابة القبض. والحمد لله رب العالمين الموفق لا رب غيره.