(فصل) [فيما ورد من أحاديث عن رسول الله ÷ أنه ترك في المسلمين كتاب الله تعالى وسنته وعترته أهل بيته وبيان منهم أهل بيته وما يجب على المسلم نحوهم]
  وعمر بن مسلم الى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه،(١) فقال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول الله ÷، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ÷ فقال: يا ابن أخي، والله لقد كَبِرَت سني، وقدم عهدي، و نسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله ÷، فما حدثتكم فاقبلوه، وما لا فلا تكلفونيه. ثم قال: قام رسول الله ÷ يوماً فينا، بماءٍ يدعي خُمّا بين مكة والمدينة، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ووعظ، وذكّر، ثم قال: أما بعد، أيها الناس؛ انما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي، فأُجيب، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب الله، فهو الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به فحث على كتاب الله، ورغّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال حصين: فمن أهل بيته يا زيد؟. أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال:
  نساؤه منأهل بيته(٢)، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.
  وفيه بإسناده إلى مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل (ح)، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثني جرير، كلاهما عن أبي حيان، بهذا الاسناد، نحو حديث إسماعيل، وزاد في حديث جرير: «كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به، وأخذ به كان على الهدي، ومن أخطاه ضل».
(١) كذا في الأصل ولعل الجواب محذوف دل عليه المذكور تقديره سألناه فقال الخ وسيأتي في صفحة ١٤٧ بلافاء وهو الصواب.
(٢) قوله: نساءه من أهل بيته ... الخ، أي مجاز، أو أهل بيت السكني، ولكن أهل بيته على الحقيقة الذين هم المرادون في الخبر: من حرم الصدقة الخ. وهذا التفسير الذي ذكره زيد تفسير لمن يطلق عليهم أهل البيت، بالمعنى العام الذي هو في معنى القرابة. وأما بالمعني الخاص فهم الذين بينهم رسول ÷ في خبر الكساء، وفي خبر المباهلة وغيرهما، وقد أفاد خبر زيد هذا اخراج النساء وغيرهن ممن يدعي لهم أنهن من أهل البيت وقد استوفينا الكلام في هذا وغيره في لوامع الأنوار والله الموفق وحاصل ما في لوامع الأنوار من الجواب على تفسير أهل البيت في رواية زيد بن أرقم: أولاً: أن رواية زيد هذه مقدوح في طريقه وإن كانت في الصحاح، فلا يمنع ذلك عند ذوي النظر الصحيح المطرحين لتقليد الأشياخ. ثانياً أنها معارضة لصحيح الروايات، بل المتواترات الدّالة على الحصر والقصر لأهل البيت والعترة على الأربعة وذريتهم $ شرعاً. ثالثاً أن الأدلة القاطعة، ومنها خبر الثقلين قد أفادت انهم حجة، والأمة مجمعة على ان غيرهم ليس يعتبر في الحجة، لانها بين قايلين: قايل بعدم حجية أهل اليت لمفردهم أصلاً، وقايل بحجيتهم، و بانهم الأربعة وذريتهم، فلو لم يكونوا هم أهل البيت والعترة لبطلت الأدلة القاطعة، وخرج الحق عن أيدي الامة، وهذا واضح مفيد من القي السمع وهو شهيد، انتهى سماع شيخنا مجد الدين.