الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [في حكم جواز النذر]

صفحة 305 - الجزء 4

  قلت وبالله التوفيق: هذا أحسن تأويل عند المحدثين ولا يقنع به الخصم مع انه عورض بحديث النذر الصادر من أهل البيت $ وبما مدحهم الله به على الوفا بالنذر وحكمه بأنه يستدفع به كما يستدفع بالدعاء والصدقة وحكمه حكمهما، إما يدفع الله به المحذور أو يدفع به ما هو أعظم منه أو يدخر للناذر الثواب الذي قصد به القربة إلى الله تعالى في الدار الآخرة.

  واعلم ان القضى المحتوم والأمر المقسوم أمر معلوم عند كل مؤمن أنه لا راد له إلا الله فليس النذر مختصا بذلك لا سوى وبأنه مع عدم المشيئة غير نافع بل النافع الضار هو الله الذي يفعل ما يشاء قال الله تعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ}⁣[يونس: ١٠٧] الآية.

  وظاهر قوله في الحديث من قوله «نهى عن النذر» على أن النذر من أي جهة معلقا أو منفذا بأنه فاسد يقتضي فساد المنهي عنه، واذا فسد لم يتوجه الوفاء به.

  وكيف نقول فيما ذكر الله تعالى في كتابه من نذر إسرائيل # الذي أنزل الله تعالى فيه {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ}⁣[آل عمران: ٩٣] وهو أنه كان به عرق النسا فنذر إن شفي أن يحرم على نفسه أحب الطعام إليه وهو لحوم الإبل وألبانها وقيل: العروق وكان ذلك احب الطعام اليه؟

  وفيما نذرته امرأة عمران أم سيدة النساء مريم & بقولها كما وصفه تعالى بقوله {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥}⁣[آل عمران] إلى قوله {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ}⁣[آل عمران: ٣٧] وفيما نذرت بأمر النبي ÷ سيدة نساء العالمين بضعة الرسول فاطمة الزهراء البتول ^ وأرضاها [... ؟] وقد روى النذر منها ومن علي # وفضة جاريتهما أئمة الآل $. وأوردها الثعلبي في تفسيره بطرق عن ليث عن مجاهد وتقدم ذكر ما ذكره الحاكم الحسكاني | في نذر فاطمة وعلي @ في الاعتصام في فصل: ذكر ما يستحب من الصدقة. أوردها في الكشاف عن ابن عباس ® «أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله في ناس