الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل في صيد البحر)

صفحة 330 - الجزء 4

  ومما دل على جواز أكل صيد البحر ما في أصول الأحكام روى «أن جماعة» من أصحابه نزلوا بقرب البحر وأن البحر ألقى حوتا فأكلو منه أياماً ثم ذكر ذلك لرسول الله ÷ فقال: إن كان بقي معكم شيء فابعثوا به إلينا» وبمثل هذا في شرح التجريد وفي أمالي أحمد بن عيسى @ قال: حدثنا محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال «بعثنا رسول الله ÷ مع أبي عبيدة في سرية ففني زادنا فمررنا بحوت وقد قذفه البحر فأردنا أن نأكل منه فنهانا أبو عبيدة، ثم قال: نحن رسل رسول الله ÷ وفي سبيل الله فكلوا فأكلنا منه. فلما قدمنا على النبي ÷ ذكرنا ذلك له فقال إن كان بقي معكم شيء فابعثوا به إلي» وقد أخرج مثل هذه الرواية النسائي عن جابر بن عبد الله قال «بعثنا رسول الله ÷ ونحن ثلاث مائة نحمل زادنا على رقابنا ففني زادنا حتى كان يكون للرجل منا كل يوم تمرة فقيل له: يا أبا عبد الله وأين تقع التمرة من الرجل قال: لقد وجدنا فقدها حين فقدناها فأتينا البحر، فإذا هو بحوت قذفه البحر فأكلنا منه ثمانية عشر يوماً».

  دل على أن ما قذف به البحر من الصيد حلال. ولم يخرج منه إلا الطافي في البحر أو ما مات ببرد أو بتزاحم السمك، وذلك مخصص للعموم المتقدم بانه لا يجوز أكله.

  في الجامع الكافي قال القاسم # لا بأس بما اصطاد المجوس والمشرك والمحارب من السمك إذا غُسِلَ من مَسِّ أيديهم لانه ذكي في نفسه وقد روى عن علي # أنه كره صيد المجوس للسمك وما أظنه بصحيح عنه وكان ابن عباس لا يرى به بأسا قلت وقد قال الله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ}⁣[المائدة: ٩٦] ولم يفصل بين صايد وصايد: فدل على جواز أكل صيد المجوسي والمشرك فيما كان من صيد البحر، وأما غسل الصيد فيجب غسله، إذا قد ترطبا به لقوله تعالى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}⁣[التوبة: ٢٨] وحديث أبي ثعلبة الخشني المتقدم.