الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 426 - الجزء 4

  ستر العورة المغلظة واجب من غير من له الوطى إجماعا لما يأتي من الأدلة.

  قد تقدم في كتاب الصلوة ما يجب ستره فيها. في بيان ما يجب ستره من الجسد وما يجب غض البصر عنه وما يتعلق بذلك. ومما يدل على وجوب الغض والستر قول الله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ٣٠ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}⁣[النور: ٣٠ - ٣١] قال في الأحكام لا يجوز لأحد ان يكشف عورته لدخول الماء ودخول الحمام لأن الله تعالى قد أمر بستر العورات وقد قال رسول الله ÷ «عورة المؤمن على المؤمن حرام» ويستحب لمن دخلهما وحده أن يستتر أيضا. ويجب على من دخلها مع غيره الاستتار إيجاباً قلت المراد بالغير غير زوجته ومملوكته غير المحرمة يؤيده قوله تعالى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ٥ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ٦}⁣[المؤمنون].

  وما أخرجه أبو داود والترمذي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده وكانت له صحبة قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قلت يا رسول الله: فالرجل يكون مع الرجل قال: ان استطعت أن لا يراها أحد فافعل قلت فالرجل يكون خاليا قال: الله تعالى أحق أن يستحيي منه.

  وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن ابي سعيد الخدري أن رسول الله ÷ قال «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا المرأة إلى المرأة في ثوب واحد».

  في الشفا ما معناه ويحرم نظر عورة المملوكة إذا كانت ممن يحل له وطيها ثم زَوَّجَها لما روى خبر عن النبي ÷ أنه قال «إذا زوَّج أحدكم جاريته من عبده أو أجبره فلا ينظر إلى ما دون السرة وما فوق الركبة» وقد أخرجه أبو داود عن ابن عمرو.

  وفيه والصواب إلى الركبة فإنها تدخل في التحريم لما روى خبر عن النبي ÷ أنه قال «الركبة عورة»