(فصل) [في أن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم]
  العباس الاسفاطي قال: حدثنا محمد بن سهل قال: حدثنا أبو الأسود العوذي قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثني أبي، عن جدي، عن ثابت البناني، عن أنس قال: قال رسول الله ÷ له: «العلماء أُمناء الأنبياء ما لم يُخَالِطُوا السُّلطَان، ويُدَاخِلُوا الدُّنيا، فإذا خَالَطَوا السُّلطَان فاتَّهِمُوهم، واحْذَرُوهم على دينكم».
  وفي الجامع الصغير عن أنس عن النبي ÷: «أنه قال: «العلماء أُمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان، ويداخلوا الدنيا، فإذا خالطوا السلطان، ودخلوا في الدنيا، فقد خَانُوا الرسل، فاحذَرُوهم» قال رواه الحسن بن سفيان، والبيهقي في السنن.
  قلت: وهذان الخبران يشهد بصحتهما قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}[هود: ١١٣]، وقوله: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}[آل عمران: ١٥٢]، وقال تعالى في من كان يريد الدنيا: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ١٥ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٦}[هود]
  [خلاصة ما يفهم من الآيات والأحاديث السابقة]
  دلَّ جَميعُ ما تقدم من الآيات والاخبار المتفق عليها في مشاهير كتب الأئمة بلا تواطاء على وجوب التمسك بمذهب آل محمد ÷، وهم يدعون إلى ما أوجب الله تعالى، وإلى ما هو دعاء من الله ومن رسوله ÷، إلى الأخذ بمحكم الكتاب، والمعلوم من سنة الرسول ÷، بالتواتر أو التلقي بالقبول، وعلى الرد إلى الله والرسول فيما أخْتُلِفَ فيه قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩].