الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب الصلح)

صفحة 502 - الجزء 4

  في الجامع الكافي في باب الصلح ومسآئل محمد: تدل على أن الصلح على الإقرار في معنى البيع والشراء يفسده ما يفسد البيع والشراء أو يجيزه ما يجيزه وأن كل ما جاز فيه السلم فالصلح عليه جائز وما بطل فيه السلم فالصلح فيه باطل نَسَاءً لانه قال إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فصالحه منها على عشرين دينارا فالصلح جائز إذا دفعها إليه قبل أن يفترقا وإن افترقا قبل أن يدفعها اليه أو بعدما افترقا أو صالح منها على عوض بغير عينه موصوفا بصفة معروفة لم يجز الصلح لأن ذلك دَين بدَين.

  وفيه ولا يجوز الصلح على ميتة ولا خمر، ولا خنزير، ولا على شيء مما حرم الله، ولا يجوز الصلح على تحريم حلال، ولا على تحليل حرام، وإذا كان لرجل على رجل مالاً فصالحه منه على متاع غير موقوف عليه فوجد في المتاع مالا يحل بيعه ولا شراؤه مثل ميتة أو صنم فالصلح باطل وإن رضيا به جميعا لأنه بطل مثل ذلك في البيع وقال إنما بطل لانه ليس للميتة ولا للصنم حصة من الثمن.

  قال في البحر ويصح الصلح في الحقوق كعلى ترك الخيارات والشفعة لعموم قوله ÷ «الصلح جائز بين المسلمين» لكن لا يلزم العوض كما مر.

  ولا تصح المصالحة في حدٍ إثباتاً إذ فيه تحليل محرم ما حرم الله من إثبات حد بلا سبب.

  ولا نفيا اذا فيه تحريم ما أحل الله من إقامة الحد عند حصول سببه.

  ولا عن نسب كذلك وقد قال ÷ «لعن الله من انتسب إلى غير أبيه» ولا عن دين بدين نقد من غير جنسة لفقد التقابض في المجلس.

  قلت: لقد عم الجهل في هذا الزمن وعظم فيه المحن من الترخيص لأهل المعاصي والزلات بالمصالحة باخذ الدينار والدريهمات على من وجب تعزيره أوحده من أهل الزلات والمعاصي صارت الأعراف به أمراً مانوسا بين رئيس ومرؤوس والله تعالى ينصر شرع الاسلام وأحكامه ويقيم معالم الدين بالعلماء العاملين بأعلامه.

  في الشفا خبر: وروى أن كعب بن مالك لازم غريما له في المسجد فقال له النبي ÷ «خذ النصف» فرضي بذلك.

  دل على أن من ادعى شيئاً فصولح على ما دونه صح الصلح.