(باب الصلح)
  وأخرج النسائي بلفظ: عن كعب بن مالك الأنصاري أنه «كان له على عبد الله بن أبي حد رد الأسلمي يعني دَيْنا فلقيه فلزمه فتكلما حتى ارتفعت أصواتهما فمر بهما فقال يا كعب فاشار بيده كأنه يقول: النصف فاخذ نصفا مما عليه وترك النبي نصفا» فدل هذا على ما دل عليه الخبر الاول.
  وفي الشفا: خبر وروى «أن النبي ÷ دفع إلى علي مالا وبعثه إلى بني جذيمة حين قتل خالد بن الوليد القتلى منهم بغير حق» وذلك أن رسول الله ÷ بعثه إلى أهل الغميصا وهم بنو جذيمة داعيا ولم يبعثه مقاتلا وحملوا السلاح فقال ان الناس قد اسلموا فوضع السلاح فلما تمكن منهم قتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم قيل: أنه قتل خمس مائة وقيل: ثلاث مائة فلما بلغ ذلك رسول الله ÷ «قام قائماً ثم رفع يده حتى روى بياض إبطيه وقال: اللهم إني أبرءُ إليك مما صنع خالد ثم أمر عليا # فوداهم حتى أنه ليدي ميلغة الكلب وبقى من المال بقية» روى عن علي بن موسى الرضى # أنه قال: هي أي البقية خمس مائة درهم «فصالحهم علي # عما لا يعلم رسول الله ÷ ولا يعلمون ثم جاء فأخبر بذلك النبي ÷ فقال: ما يسرني أن لي بها حمر النعم» وقال في شرح التجريد آخر الأثر: «وبقى في يده بقية من مال فقال أعطيكم هذا عما لا تعلمون ولا يعلمه رسول الله ÷ ثم جاء فأخبر النبي ÷ فقال: ما يسرني به حمر النعم».
  دل ذلك على جواز الصلح بالمعلوم عن المجهول وهو الذي صححه السيدان أبو العباس وأبو طالب @ على مذهب يحيى # وهو اختيار المؤيد بالله # لنفسه.
  وأخرج المؤيد بالله # لمذهب يحيى # أنه لا يصح وبه: قال الناصر #.
  قال الله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨] يدل على انه لا يصح الصلح عن إنكار لانه تسليم مال من دون لزوم حق بمثابة المفاداة والرشوة فلا يسوغ أخذه لمن صولح به وقد تقدم في أول الباب حديث أمالي أحمد بن عيسى @ بما يقتضي جواز الصلح عن إنكار وقد صحح جوازه كثير من الأئمة سلام الله عليهم.