الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [في الأدلة التي يجب العمل بها]

صفحة 166 - الجزء 1

  وأخرج أبو داود عن أبي مالك قال: قال رسول الله ÷: «قد أجاركم الله من ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا، وأن لا يظهر⁣(⁣١) أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا على ضلالة».

  وفي الجامع الصغير للسيوطي عن أبي هريرة، عن النبي ÷: «لا تزال طائفة من أمتي قوأمة على أمر الله لا يضرها من خالفها». قال أخرجه ابن ماجة.

  وفيه أيضاً: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق الى أن تقوم الساعة». قال أخرجه الحاكم عن عمر، عن النبي ÷.

  واجماع العترة الطاهرة يدل عليه ما قدمناه من آية المودة، وآية التطهير، وأخبار التمسك، وأخبار السفينة، وغير ذلك ممَّا تَوَاَتر، وعُلِم علماً لا يمكن دفعه بشك ولا شبهة.

  وأما القياس فالذي يدل على وجوب العمل به قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}⁣[الشورى: ١٠] (٢)، أي مردود إلى ما جاء عن الله في محكم كتابه، وعلى لسان رسول الله ÷، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}⁣[النساء: ٥٩] أي إلى محكم كتاب الله وسنة رسوله ÷، والرد إلى الأصول من الكتاب والسنة هو حقيقة القياس فيما لم يوجد له فيها نَصَّ.

  روي زيد بن علي. آبائه عن علي $ قال: أول القضاء ما في كتاب الله، ثم ما قال الرسول ÷، ثم ما أجمع عليه الصالحون، فإن لم يوجد ذلك في كتاب الله، ولا في السنة، ولا فيما أجمع عليه الصالحون، اجتهد الإمام في ذلك، لا يألو احتياطاً، واعتَبَرَ وقاسَ الأمور بعضها ببعض، فإذا تبين له الحق أمضاه، وللقاضي في ذلك مالإمامهم» وروى هذا الحديث المؤيد بالله في شرح التجريد، وهو في أصول الأحكام والشفا.


(١) يحمل على أن لا يظهروا عليهم بالحجة، وظهور استيصال وزوال للحق وأهله، فأما ظهور الغلبة في الدنيا بالسطوة والسلطان قلبي بمراد، إذ الواقع خلافه، والحرب دول، وكفى بما وقع يوم أحد وبهذا يجمع بين هذا ونحوه و بينما روي: ما اختلفت أمة بعد نَبيِّها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، أخرجه الطبراني عن ابن عمر عنه ÷.