(فصل) [في الأدلة التي يجب العمل بها]
  وقال المؤيد بالله # في شرح التجريد: روي أنه ÷ بعث معاذاً إلى اليمن قال: كيف تقضي بينهم؟ قال: أقضي بينهم بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: ففي سنة رسول الله ÷. قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله ÷؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلُو. قال: فَضَرَب صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ÷ لما يرضي رسول الله»، وهذا في أصول الأحكام، وفي الشفا.
  واخرج أبو داود والترمذي عن الحارث بن عمر يرفعه إلى معاذ قال: لما بعثه رسول الله ÷ إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله. قال فإن لم تجد. قال: أقضي بسنة رسول الله ÷. قال: فإن لم تجد من سنة رسول الله ÷ قال: أجتهد برأي، ولا آلُو. قال: فضرب رسول الله ÷ صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ÷».
  وفي تلخيص ابن حجر أخرج حديث معاذ هذا أحمد بن حنبل، وأبو داود والترمذي، وابن عبدي والطبراني، والبيهقي، وفيه أيضاً عن إمام الحرمين أنه قال: الحديث يعني خبر معاذ مدون في الصحاح، متفق على صحته، لا يتطرق إليه التأويل. وفيه أيضاً في كتابه هذا: وقد استدل أبو العباس بن القاصّ في صحته إلى تلقي أئمة الفقه والاجتهاد له بالقبول، قال: وهذا قدر مغن عن مجرد الرواية. ومن غير تلخيص ابن حجر قال ابن كثير في هذا الحديث: هذا حديث مشهور اعتمد عليه الأئمة. قال: وقد ذكرته وشواهده في جزء مفرد.
  قلت وبعضهم ضعّف هذا الحديث وتكلم على إمام الحرمين، والآيتان(١) المتقدمتان تشهدان بصحته.
  وفي هذين الخبرين فوائد.
  الأولى: أن كل ما تناوله عموم الكتاب مقدم على السنة المخصصة(٢).
  والثانية: ثبوت القياس، لأنه رد إلى الكتاب والسنة، أما الاستدلال على ذلك بالحديث الأول قظاهر، وأما الثاني فإن الرجوع بالرأي إلى الأصول من
(١) هما في قوله تعالى: وما اختلفت فيه من شيء، وقوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء.
(٢) لعل المراد الآحادية كما هو مذهب طايفة من الأئمة ومن معهم انتهى عن شيخنا.
الكتاب والسنة أولى من الرأي المطلق، وذلك ظاهر.