الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [في أن العقل يرجع إليه في التحسين والتقبيح فيما لم يكن له أصل في الكتاب والسنة]

صفحة 169 - الجزء 1

  والتقوى: إفهامهما واعقالهما، وأن أحدهما حسن، والآخر قبيح، وتمكينه من اختبار ما يشاء بدليل قوله تعالى {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠}⁣[الشمس] وقال في مفاتيح الغيب. إن إلهام الفجور والتقوى: إفهامهما وإعقالهما، وأن أحدهما حَسَنٌ، والآخر قبيح، وتمكينه من اختيار ما يشاء منهما، وهو كقوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}⁣[البلد]. قال: وهذا التأويل مطابق لمذهب المعتزلة، قال: ويدل عليه قوله تعالى: بعد ذلك {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ١٠}⁣[الشمس] قال: وهذا الوجه مروي عن ابن عباس ®، وعن جمعٍ من أكابر المفسرين. قال: وقال الواحدي: «الإلهام هو أن يوقع الله في قلب العبد شيئاً، فإذا أوقع في قلبه شيئاً فقد ألزمه إياه. قال: وأصل معنى الإلهام من قولهم: لَهِم الشيء والتهمه، إذا ابتلعه، وألهمْتُه ذلك الشيء أي أبلعته، هذا هو الأصل، ثم استعمل ذلك فيما يقذفه الله تعالى في قلب العبد، لأنه كا الإبتلاع، انتهى.

  دلّ ذلك على أن العقل يرجع إليه في التحسين والتقبيح، فيما لم يكن له أصل يرجع إليه من الكتاب والسنة، وأن الراي المرجوع به إلى قضية العقل، أولى من الرأي المطلق، والله الهادي.

  [انتهت المقدَّمة من المؤلف وهذا ابتداء شروعه في أحكام العبادات]