(فصل في وصية المصمت والأخرس)
  لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ١٨٩}[الأعراف] وقال تعالى {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ٧١}[هود] دلَّ بهذه الآية على أن أول الحمل بشر وسرور وليس بمرض ولا خوف ودل بالآية الأولى التضرع بالدعا مع الثقل وقرب المخاض أنه مخوف على النفس منه ولأن حكم الحامل بعد دخول السابع من الشهور حكم المريض الذي يخاف عليه التلف من مرضه فلا ينفذ تصرفها إلا في الثلث لأن الماضي قبل السبعة الأشهر ستة أشهر هي أقل الحمل ومن بعدها يكون مظنة المخاض في كل حال.
  قال في الأحكام: للمريض في أول مرضه أن يعتق ويهب في ماله ما يشاء وليس له إذا ثقل واشتد عليه أن يجوز في شيء من أموره إلا بالثلث. وقال فيه ما معناه وكذلك الحامل يجور فعلها في أول الحمل فإن أتى أول تمام الحمل في الوقت التي تضع الحامل في مثله وهي ستة أشهر لم يجز أن تحدث في مالها أكثر من الثلث إلا أن يجيزه الورثة. قال فيه: وكذلك صاحب اللقاء في الزحف له أن يفعل ما شاء ما لم يصاف عدوا أو يزحف لقتال، فإذا زحف للقتال ودنى من مصافة الرجال وتحولت الأرواح بين الأبطال. إلى أن قال: فليس له أن يوصي بأكثر من ثلثه في ماله فإن أوصى بأكثر من ذلك فالورثة بالخيار إن شاء واجازوا ذلك وإن شاءوا اردُّوه إلى الثلث.
  ومن المخوف وقوع الطاعون فإذا وقع في بعض أهل البلد صار من أصابه ومن لم يصبه مخوفا إذ يعم عموما كليا لقوله ÷ «إذا وقع الطاعون في ارض فلا تدخلوها وإن كنتم فيها فلا تخرجوا منها» رواه أئمتنا $.
  وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن أسامة قال قال رسول الله ÷: «الطاعون بقية رجز أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل فإذا وقع بأرض وانتم بها فلا تخرجوا منها فراراً منه وإن وقع بأرض ولستم فيها فلا تهبطوا عليها». في الجامع الكافي: وإذا أوصى بوصايا في مرضه ثم انفذ هو بعض الوصايا رجعوا على الذي أنفذ لهم في مرضه فحاصوهم. فأهل العلم على أن جميع ما انفذه المريض في مرضه وما أوصى به بعد وفاته فإنه من الثلث ألا ترى أن رسول الله ÷ قضى في رجل اعتق ستة أعبد في مرضه لا مال له غيرهم أن يسعى كل واحد منهم في ثلثي قيمته وبعض أصحاب الحديث يروى ان رسول الله ÷ اقرع بينهم فأرق أربعة