الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 273 - الجزء 5

  قال الله تعالى {إِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ٨}⁣[النساء] اختلف العلماء في الآية فقيل منسوحة بآية الميراث وهذا قول منسوب إلى ابن المسيب الضحاك وغيرهما وقيل بل ثابت وهذا القول منسوب إلى مجاهدو ربيعة وغيرهما ثم اختلفوا فقال أبو علي وأبو مسلم وغيرهما: أراد الندب وقال مجاهد والبصري وغيرهما: بل الوجوب وهو ما طابت به نفوس الورثة فإن كان فيهم صغير لم يعطوا من حقه بل يقال لهم قرلا معروفا. والمراد بأولى القربا قرابة الميت الساقطون من الميراث قيل: يعطون من المال ومن لم يعط قيل له قول جميل وقيل: يعطون من الاثاث ويقال لهم قول جميل في العقار والضياع هذا مضمون ما ذكره أهل التفسير.

  وفي الثمرات عن الحسن والنخعي ادركنا الناس يعطون القرابات واليتاما والمساكين إذا قسموا العين فإذا قسموا الرقيق والأرض وما أشبه ذلك قالوا لهم قولا معروفا فظهر من هذه الجملة أن الأمر للندب على ما صحح وأن القرابة هم من لا يرث وأن العطا من الأثاث ونحوها لا من العقار وقد فسر العطا بما طابت به نفوس الورثة ويحتمل بما يسمى رزقا وصدقة انتهى كلام الثمرات.

  وأخرج البخاري عن ابن عباس ® في قوله تعالى {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} الآية قال: هي محكمة وليست بمنسوجة وإن ناسا يزعمون أنها نسخت ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون بها الناس هما واليان وال وارث وذلك الذي يرزق ووال لا يرت وهو الذي يقول بالمعروف ويقول لا أملك لك أن أعطيك.

  قال الله تعالى {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}⁣[النساء: ٣٣] قيل: سبب النزول أنها نزلت في الذين آخا بينهم رسول الله ÷ من المهاجرين والانصار حين قدموا المدينة فكانوا يتوارثون بتلك المواخاة ثم نسخ ذلك وهذا مروي عن ابن عباس وابن زيد وقيل نزلت في الذين كانوا يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية ومنهم زيد مولى رسول الله ÷ فأمروا لهم في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت وأما الميراث فللقرابة عند سعيد بن المسيب وقيل: