الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 274 - الجزء 5

  نزلت في حديث أبي بكر لأنه حلف أن لا ينفق على إبنه عبد الرحمن ولا يورثه شيئاً من ماله فلما أسلم عبد الرحمن أمر أن يوفى نصيبه من المال وقيل: كانوا في الجاهلية يتوارثون بالمخالفة والمعاقدة فثبت ذلك في أول الإسلام ثم نسخ ذكره في الثمرات والمعنى: لكل منكم موالي فيما تركتم من المال وهو الوالدان والأقربون فيكون في هذا ولاية على إثبات ميراث القرابة جملة وقال أبو علي {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} معطوف على قوله {الْوَالِدَانِ}⁣[النساء: ٣٣] أي وترك الذين عاقدت أيمانكم وهم ورثتهم فاتوا كلا منهما ميراثه فلا نسخ فيها حينئذ وقيل المراد بالمتعاقدين الزوج والزوجة لقوله تعالى {عُقْدَةَ النِّكَاحِ}⁣[البقرة: ٢٣٥] وقيل ولاء الموالاة وقيل نصيبهم من المودة والنصرة لا الوراثة.

  وإنما ابتدأت بالاستدلال بهذه الآيات لأن في كل واحدة دلالة على شرعية الميراث وإن كان شرعيته معلومة من الدين ضرورة إنما أتينا بها تبينا لبعض المستند والله اعلم.

(فَصْلٌ)

  في الشفا خبر: ولما قتل مصعب بن عمير وليس له إلا نمرة واحدة فقال الراوي وهو خباب فكنا إذا غطينا رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجله خرج رأسه فقال النبي ÷: «غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله من الإذخر» النمرة بفتح النون وكسر الميم وفتح الرا: بردة مخططة وجمعها نمرات ونمار، ووجه الاستدلال بهذا الخبر أنه يقدم كفن الميت وتجهيزه على دينه وأيضا ثوبه مستثنى له في الحيوة فكذا عند الميات وعلى الإرث لتأخره عن الدين.

  وتقدم نفقة المعتدات على قضاء الدين أيضا كما انه مستثنى نفقات من يعول إلى الدخل اذ هن محبوسات من جهته ثم يقدم الدين على الميراث لقوله تعالى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}⁣[النساء: ١١] وفي الجامع الكافي: قال الحسن فيما روى ابن صباح عنه وهو قول محمد في المسائل: واذا ترك الميت مالاً وورثة بدي بكفنه وما يحتاج اليه من حنوط وحفر قبر وما يصلحه حتى يوارى في قبره ثم يقضى جميع دينه ثم يقسم الورثة