(باب في أحكام قتال الكفار أهل الحرب والغزو)
  فجعل خالد بن الوليد على أحد الجنبين والزبير على الأخرى وأبا عبيدة على الساقة في بطن الوادي.
  وقد جمع آداب ذلك كله ما ذكره الهادي # في الأحكام قال: (فإذا أراد الإمام تعبيئة عسكره وصف أصحابه فليصفهم صف من وراء صف كما يصطف الناس للصلاة وليسو بين مناكبهم ويحكم فإن الله سبحنه يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ٤}[الصف] فإذا صفهم صفوفا صفا بعد صف يكون طول صفوفهم على قد رسعه معسكرهم ويجعل في الصف الأول خيارهم وحماتهم ويكون على ميمنته رجل فاصح شجاع وعلى ميسرته رجل كذلك ويكون هو في القلب أو بين الصفين في حرجه من الخيل والرجال موثوقاً بنيتهم ومتكلا على دينهم ورجلتهم فإذا أراد أن يكون بغير ذلك المكان كان ويوقف من وراء الصفوف كلها جماعة من الفرسان يرد كل من شذ من العسكر أو انثى من العدو ويجعل جناحين كثيفين على قدر قلة من معه وكثرتهم، ويولى على كل جناح رجلاً شجاعا دينانا صحا يختار له حماة الرجل وابطالها، ووفرة الخيل وعرابها، ويأمرهم إذا رأوا فرصة وغرة من عدوهم: أن ينتهزوها ويفترصوها ويأتوا من ورائهم إن أمكنهم ذلك فليأتوا من ورائهم، وليحمل الصف الأول من أمامهم ويتبعه الصفوف شيئاً فشيئاً زحفا فزحفا من غير اختلاط ولا افتراق فإن لم ير الجناحان فرصة ولا نهزة ثبتا على حالها ولم يبرحا من موقفها، فإن دهمت الميمنة وغشيت أمدها الجناح الأيمن بأدناه إليها، وكذلك إذ ادهمت الميرة وغشيت أمدها الجناح الأيسر بأقربه إليها، ولا يتضعضع كله، وكذلك إن غشى القلب وكثر أمدته الميمنة والميسرة ببعض رجالها، ويوصى الإمام أصحابه بقلة الكلام والصباح والهرج فإذا أقام صفوفه ونشر جناحيه وأوقف من يرد شذاذ العسكر من ورائهم، ووقف الناس على راياتهم، وولى على الخيل كلها وعلى الرجال الولاة حاربوا أعداء الله، وتوكلوا على الله وهذا اكله مأخوذ من كتاب الله ومن السنة النبوية والطرائق الصحابية.
  وفي الهدى النبوي وكان رسول الله ÷ إذا لقي عدوه وقف ودعا واستنصر وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله وحفضوا أصواتهم ورتبوا الجيش والمقاتلة وجعل في كل جنبة كفواً لها، وكان يبارز بين يديه بأمره، وكان يلبس للحرب عدته وربما ظاهر بين درعين وكان له الألوية والرايات.