(باب الهجرة)
  وأخرج البخاري ومسلم عن حذيفة «قال أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله ÷ عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يُدْركني فقلت: يا رسول الله انا كنا في جاهلية وشر فجاء نا الله بهذا الخير فهل بعد الخير من شر؟ قال: نعم قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دحن. قلت: وما دحنه؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هدبي يعرف منهم وينكر. قلت فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت: يا رسول الله فما ترى وفي رواية فما تأمرني؟ إن أدركني ذلك قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال: فاعتزل الفرق كلها ولو أن تعضَّ بأصل شجرة حتى تموت وأنت على ذلك».
  فدل هذا على وجوب اعتزال دعاة النار ... إلى أن قال: قال الله تعالى {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ١١٣}[هود] وَدَلَّ بقوله ÷ في الحديث «تَلْزَم جماعة المسلمين وإمامهم».
  والإمام هو القرآن وقد قال الله تعالى في السُورة: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ١٢}[الأحقاف] فما شأن من لم يهاجر عن أرض الظالمين مع الاستطاعة بعد هذه الآيات وماذا يباح له مع عدم العذر له من المداهنات والمساكنات.