الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في شفاعة النبي ÷ ومن يستحقها ومن لا يستحقها)

صفحة 211 - الجزء 2

  وأعلم إنّ صلاة النبي ÷ على الميت شفاعة له. يدل على ذلك ما أخرجه مسلم والترمذي والنسائي عن عائشة قالت: قال رسول الله ÷ «ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه».

  وما أخرجه مسلم وأبو داود عن ابن عباس ® قال: قال رسول الله ÷: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه».

  دل هذان الخبرعلى أنّ صلاة الجنازة شفاعة للميت.

  وقد أخرج مسلم والترمذي والنسائي عن جابر بن سمرة قال: «أتي النبي ÷ برجل قتل نفسه فلم يصل عليه» وأخرج مالك وأبو داود والنسائي عن زيد بن خالد قال: «تُوفي رجل من أصحاب النبي ÷ يوم خيبر فذكر للنبي ÷ فقال: صلوا على صاحبكم. فتغيرت وجوه الناس فقال: إنّ صاحبكم قدغل».

  دل هذان الخبران على إنّ النبي ÷ لم يشفع لِمَنْ قتل نفسه، ولا لمن غلَّ من المغنم من أصحابه.

  والأخبار المتكاثرة الكثيرة الصحيحة عند رجال الحديث إنّه يرد الحوض زمرة بعد زمرة ممن صحب النبي ÷ ورآه فيؤخذ ذات الشمال فيقول ÷ أصحأبي. فيقال إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فيقول سحقا سحقا».

  قلت وبالله التوفيق: وهذا ضد الشفاعة لهم.

  وأخرج أحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود ¥ قال «من أحسن في الإسلام لم يؤخذ بما عمل في الجاهلية، ومن الإسلام أخذ بالأول والآخر» ذكره الأسيوطي في الجامع الصغير.