الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب أحكام الأرضين)

صفحة 303 - الجزء 2

  استشهد والدي مع رسول الله ÷ أحد. أطعمونا أطعمكم الله على موائد الجنة فدفعوا إليه أقراصهم وباتوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلا الماء القراح فلما أن كان في اليوم الثالث عمدت فاطمة & إلى الصاع الثالث فطحنته وعجنته وخبزت خمسة أقراص وصاموا يومهم وصلى علي # مع النبي ÷ المغرب ثم دخل منزله ليفطر فقدمت إليه فاطمة & خبز شعير وملحاً جريشاً وماء قراحاً فلما دنوا ليأكلوا وقف أسير بالباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد أطعمونا أطعمكم الله فأطعموه أقراصهم وباتوا ثلاثة ايام ولياليها لم يذوقوا إلا الماء القراح فلما كان اليوم الرابع عمد علي والحسن والحسين يرعشان كما يرعش الفرخ وفاطمة، وفضة معهم، ولم يقدروا على المشي من الضعف. فأتوا رسول الله ÷ فقال ÷ إلهي هؤلاء أهل بيتي يموتون جوعاً فارحمهم يا رب واغفر لهم. هؤلاء أهل بيتي. فاحفظهم ولا تنسهم فهبط جبريل # وقال: يا محمد: إن الله يقرءُ عليك السلام ويقول قد استجبت دعاءك وشكرت لهم ورضيت عنهم. وقرأ {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥}⁣[الإنسان] إلى قوله {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا ٢٢}⁣[الإنسان] قال الحاكم اختصرته في مواضع.

  وبقية طرق هذا الحديث مستوفاة في هذا الكتاب وغيره بألفاظ ومعإن متقاربة. وفي الكشاف في تفسير سورة {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}⁣[الإنسان: ١] عن ابن عباس ® أن الحسن والحسين & مرضا فعادهما رسول الله ÷ في ناسٍ معه فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك فنذر علي # وفاطمة & وفضة: جارية لهما إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شيء فاستقرض علي # من شمعون الخيبري ثلاثة أصواع من شعير وطحنت فاطمة & صاعًا وخبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعتها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياماً فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا أخذ علي # بيد الحسن والحسين @ وأقبلوا إلى رسول الله ÷ فلما أبصرهم يرتعشون