[عدم وجوب الفدية على من أفطر لعدم الطعام أو مانع شرعي]
  تقدم الكلام على الاختلاف في معنى هذه الآية. وسياقها: يدل على وجوب الفدية على المريض والمسافر إذا أفطرا أو هما يطيقان الصيام وكذلك الحامل والمرضع سواء حال عليهما الحول أم لم يحل. والقول بإن ذلك كان في حق المقيم الصحيح وأنه كان مخيراً بين الصيام والفدية ثم نسخ خلاف الظاهر وكذلك تقدير أن لا محذوفة خلاف الظاهر وفي الرافعي عن النبي ÷ في الحامل والمرضع أنه قال: إذا خاقتا على ولديهما أفطرتا وافتدتا.
  وأخرج أبو داود والبزار عن ابن عباس ® نحو ذلك موقوفاً. فظاهر الحديث وجوب الفدية. والآية الكريمة مع ذلك تدل على وجوب القضاء، والفدية تجب على من رخص له الفطر مع القدرة على الصيام سواء حال عليه الحول ولم يقض أم لا. وأما إيجاب الإطعام على من حال عليه الحول ولم يقض سواء كان مطيقا للصيام حين كان له أم لا فلم يروِه مرفوعًا إلا أبو هريرة رواه عنه الدارقطني وفي رجاله عمران بن موسى وهو ضعيف جدًا. وقيل: كان يكذب. والراوي عنه إبراهيم بن نافع وهو ضعيف أيضًا، وقيل: كان يضع الحديث أي يكذب فيه. وصحح الدارقطني وقفه عن أبي هريرة فهو إذاً مذهب لأبي هريرة ولمن رُوِي عنه سواه كابن عباس ® وابن عمر موقوفًا فهو مذهب لهم فلا حجة فليتأمل وبالله التوفيق.
  فالمرخص له في إفطار رمضان وهو يطيق كالمسافر يجب عليه القضاء، والفدية حال عليه الحول أم لا وهو مذهب الإمام أحمد بن سليمان كما قدمنا.
  وقال الناصر # في الكبير والحامل والمرضع إذا خَافتا وها يطيقان الصيام أفطرَتَا وعليهما القضاء والفدية ونصره أبو جعفر الهوسمي والبستي.
  وفي الموطأ: بلغني أن عبد الله بن عمر سُئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينًا مدًا من حنطة بمد النبي ÷. قال: وأهل العلم يرون عليهما القضاء والذي لا يطيق الصيام أو كان له مانع شرعي كالحيض فليس عليه إلا القضاء ولا فدية عليه ولو حال عليه الحول. والذي لا يطيق الصوم في وقته لا يطيق القضاء فلا قضاء عليه وعليه الفدية.
  ومن تأمل ما قدمناه من الأدلة عرف ذلك مفصلًا وبالله التوفيق وقوله تعالى: