الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم من أفطر بغير عذر عامدا]

صفحة 341 - الجزء 2

  {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٤] يدل على استحباب الصيام للمسافر ونحوه مع الطاقة.

  وفي الجامع الكبير: عن أنس عن النبي ÷ «من أفطر فرخصة ومن صام فالصَّوم أفضل» قال: يعني في السفر رواه سعيد بن منصور.

[حكم من أفطر بغير عذر عامداً]

  وهذا وأما المفطر عمداً فقد وجبت له النار لإرتكابه المعصية عمداً والله سبحانه يقول {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}⁣[الجن].

  وروى الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود ¥ موقوفًا: «من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة لم يقض عنه صيام الدهر كله».

  قلت معنى هذا الخبر صحيح مع عدم التوبة وأما مع التوبة فهل تلزمه كفارة؟ فروى زيد بن علي عن أبيه عن جده، عن علي $ قال: جاء رجل إلى رسول الله ÷ في شهر رمضان فقال: يا رسول الله إني قد هلكت.

  قال ÷ ما ذاك؟ قال: باشرت أهلي فغلبتني شهوتي حتى فعلت قال: هل تجد عتقا؟ قال: لا والله ما ملكت مخلوقا قط. قال فصم شهرين متتابعين. قال: لا والله ما أطيقه قال: فانطلق فأطعم ستين مسكيناً. قال: لا والله ما أقوى عليه قال: فأمر له رسول الله ÷ بخمسة عشر صاعاً لكل مسكين مداً فقال يا رسول الله: والذي بعثك بالحق ما بين لا بتيها أحوج إليه منا. قال: فانطلق فكله أنت وعيالك».

  ورواه في آمالي أحمد بن عيسى @ عن حسين بن علوان عن أبي خالد عن زيد بن علي آبائه عن علي $ عن النبي ÷ بلفظه: سواءً قال أبو جعفر ¥ لا يصلح هذا لأحدٍ بعده.

  قلت وبالله التوفيق إن هذا خاص بالفقير المحتاج الذي لا يملك قوتًا غير الكفارة، ولا يقدر على صيام ويدل على صحة هذا التأويل قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥].