الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في زيارة قبر النبي ÷ وفضلها وزيارة آل النبي ÷ وصحابته الأخيار ¤)

صفحة 171 - الجزء 3

  ولا يصدنك ما رواه بعض المحدثين من قوله ÷ «لا تجعلوا قبري عيدا».

  فالمراد منه: النهي عن أن يدخل غيره قاصدا للزيارة المشروعة المسنونة بأن يجعل زيارته ÷ كزيارة الأولياء التي يعتادها كثير من زيارة مؤقتة سنوية لجمع غير مصون من البدع، وأفعال القبائح الشنعاء، مع تكثير الصقع فيه بمناداة المزور والتفكه بأنواع الطعام والحلوى ولبس المشهور، والتغني بالشعر الملحون، وضرب الألآت لما يطرب عند السماع، وما يصحب ذلك من منكرات الإجتماع، فالله الله أيها المقتفي لسنة البشير النذير والمقتدي بأبي شبر وشبير أن تخالف هديهم النبوي بترك الزيارة الخالصة لهم، فتدخل في زمرة أهل الجفا، وتخرج عن أهل المحبة والإتباع والإصطفا، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. قال ابن القيم في الهدي المسمى زاد المعاد في بحث تفضيل يوم عرفة على يوم الجمعة ما لفظه: قال شيخنا وإنما يكون يوم عرفة عيدا في حق أهل عرفة لإجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار فإنهم إنما يجتمعون يوم النحر وكان هو العيد في حقهم. فدل كلامه أن العيد لا يسمى عيدا، إلا مع اجتماع مقصود لوقت معين محدود، وهو شاهد لما قلناه، والحمد لله حمدا لا منتهى ولا غاية لمداه.