(فصل) ما ذكر عن النبي (÷) أنه طلق، وأنه كره الطلاق.
  وبينه. فأخذت النبي ÷ حمية فدعى بركانة وإخوته ثم قال لجلسائه: أترون فلانا يشبه كذا وكذا من عبد يزيد؟ قالوا: نعم. فقال النبي ÷ لعبد يزيد: طلقها. ففعل. قال: راجع امرأتك أم ركانة واخوته. فقال: إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله. قال: قد علمت. راجعها. وتلى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١].
  وثم روايات في السنن لأبي داوود. وصححها: «أن عبد يزيد طلق أم ركانة البتة فردها اليه النبي ÷.
  قلت وبالله التوفيق: ولا تنافي بين تلك الرواية وبين رواية طلاق البتة إذ كان في اعتقاد عبد يزيد أبي ركانة بتطليق أم ركانة أنها قد صارت بائنة. فعبر في بعض الروايات بأنه طلقها ثلاثاً، وعبر في الرواية الآخرة بالبتة بمعنى البينونة الكبرى بالثلاث التطليقات التي هي في نفس الأمر ليس ببينونة. والله أعلم.
  وفي رواية أحمد قال: «طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا قال: فسأله رسول الله ÷ كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثا في مجلس؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت» دلت هذه الأخبار بأن الطلاق لا يتوالى متعدده ما لم تخلل الرجعة بينها.
  ومنها انه اذا طلق بعض تطليقة أو نصف تطليقة على بعض المرأة أو كلها كان طلاقا واقعا لعموم قوله تعال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق: ١] إذ من أوقع بعض تطليقة قد طلق.
  وفي أمالي أحمد بن عيسى قال: حدثنا محمد قال: محمد بن راشد عن اسماعيل بن أبان عن غياث عن جعفر عن ابن عباس قال: «من طلق نصف تطليقة فهي تطليقة».