(باب العدة وذكر أحكامها)
  عن عن جده، عن علي $ أن رجلا أتاه فقال: يا أمير المؤمنين إني كانت لي زوجة فطالت صحبتها ولم تلد فطلقتها ولم تكن تحيض فاعتدت بالشهور، وكانت ترى أنها من القواعد، فتزوجت زوجاً فمكثت عنده ثلاثين شهرا ثم حاضت. فأرسل إليها وإلى زوجها فسألهما ذلك فأخبرته أنها اعتدت بالشهور من غير حيض. فقال للأخير لا شيء بينك وبينها ولها المهر بدخولك بها وقال للأول هي امرأتك ولا تقربها حتى تنقضي عدتها من هذا الأخير. قال فبما تعتد يا أمير المؤمنين؟ قال: بالحيض. قال: فهلكت قبل أن تنقضي عدتها من الاخير فورثها الاول ولم يرثها الآخر، وهذا بسنده في أمالي أحمد بن عيسى @.
  وفي أصول الأحكام: عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ قال: «قال في المطلقة إذا انقطع حيضها تتربص إلى حد الأياس وهي ستون سنة، ثم تعتد بالأشهر ثلاثة أشهر، وقد ذكر عن زيد بن ثابت مثل هذا».
  فإن كانت مستحاضة ناسية للوقت تربصت إلى الستين السنة ثم تعتد بالأشهر.
  وقال الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد صاحب الاعتصام #: ترجع إلى صفة الدم كما تقدم في باب الحيض. وقال الإمام شرف الدين #: أن حكمها أي المتحيرة حكم المبتدأة ترجع إلى قرايبها ثم إذا لم تكن: رجعت إلى صفة الدم الذي يعرف أي ينتن ثم اذا لم تميز: رجعت الى أقل الطهر وأكثر الحيض.
  قلت وبالله التوفيق: وهذا هو المناسب لما وردت به الأدلة قال تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] وقال النبي ÷: «إذا أُمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
  وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] وقال ÷: «بعثت بالشريعة السمحة السهلة». فكلامه # قوي. وللناظر نظرة والله أعلم.
  هذي أحكام المطلقة ذات القرء. ونذكر حكم غيرها: قال الله تعالى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}[الطلاق: ٤].