(باب الرضاع)
  وأخرج مالك في الموطأ عن ابن عباس انه كان يقول: «ما كان في الحولين وان كان مصة واحدة فهو رضاع يحرم ولا رضاعة لكبير».
  وأخرج في الموطأ وابو داود عن يحيى بن سعيد قال: سأل رجل أبا موسي الأشعري أنى مصصت من امرأتي من ثديها لبنا فذهب في بطني فقال أبو موسى: لا اراها الا قد حرمت عليك. فقال عبد الله بن مسعود: لا رضاع الا ما كان في الحولين. فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحَبر بين أظهركم.
  فإن قيل: يعارض هذين الدليلين السابقين اللذين هما نحو: لا رضاع بعد فصال، ونحو خبر ما روى عن علي # «الرضعة الواحدة كالمائة الرضعة». ما روى عن عائشة أن سهلة بنت سهل بن عمر زوجة أبي حذيفة بن عتبة جاءت الى رسول الله ÷ فقالت: يا رسول الله: إنّا نربي سالما ولدا وكان معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ويراني فضلى وقد أنزل الله فيهم ما علمت فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبي ÷ أرضعيه خمس رضعات يحرم بها عليك فارضعته وهو رجل كبير وكان ابو حذيفة تبنى سالما وانكحه ابنة اخيه بنت الوليد. هذه رواية الشفا.
  وقد أخرج هذا عنها مالك في الموطأ. وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابو داود بزيادة في أوله.
  وما روي عن عائشة أيضا أنها قالت: كان فيما انزل الله من القرآن: «عشر رضعات يحرمن» فنسخن بخمس معلومات يحرمن»، فتوفي رسول الله ÷ وهن مما يقرأن من القرآن ولكن كن في صحيفة تحت السرير، فلما اشتغلنا بموت رسول الله ÷ فدخلت داجن(١) فأكلته». رواه في أصول الأحكام وأخرجه مسلم وابن ماجة بمعناه:
  فأجيب عن الأولى بأن الإجماع يحجبها، وانه قد انقطع خلافها بموتها اي عائشة، وان هذا خلاف ما عليه العمل من المسلمين وإلا كان ذريعة لأهل الريب في مساكنة الأجنبيات لهم والاختلاء بهن وانه مع تسليم صحة الرواية ان تلك رخصة خاصة أرخصها رسول الله ÷ لسالم يؤيد ذلك ما روى معناه النسائي وابن ماجة
(١) الداجن الشاه التي يعرفها الناس في منازلهم انتهى من النهاية