الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب بيع الأجناس بعضها في بعض)

صفحة 64 - الجزء 4

  بالدرهمين متفاضلا وقد روي الخلاف عن جماعة منهم ابن عباس وأسامة بن زيد وابن الزبير وزيد بن أرقم فإنهم قالوا: لا ربى إلا النسيئة وجوزوا بيع الذهب بالذهب متفاضلا يداً بيد والدينار بالدينار متفاضلين يدا بيد لما رواه أسامة ان النبي ÷ قال: «الربى في النسيئة». وفي رواية: «إنما الربى في النسيئة». وفي أخرى: «لا ربى فيما كان يداً بيد». أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.

  قلت: أما ابن عباس فقد روي عنه الرجوع من أن الربى مقصور على تحريم بعض المنصوصات إذا كان نسأ وقال: إنه يحرم ربي الفضل مطلقا وقد أخرج ابن ماجة عن أبي الجوزاء قال سمعته يأمر بالصرف يعني ابن عباس ويحدث ذلك عنه. فلقيته بمكة فقلت: بلغني أنك رجعت قال: نعم إنما كان رأيا مني وهذا أبو سعيد حدث عن رسول الله ÷ أنه «نهى عن الصرف». وأما الثلاثة الباقون فقد انقرض خلافهم بموتهم وصارت المسألة بين الأمة مجمع فيها على التحريم قولاً واحداً من ان المنصوص عليها من الذهب والفضة وسائر ما جاء في الاخبار ولا يصح ربى الفضل فيها مطلقا سواء كان يداً بيد أو نسأ والمسألة هذه مدونة في أصول الفقه وتحقيق الاختلاف في حكمها وترجح العمل بتحريم ربا الفضل مطلقا لكثرة الاخبار وشهرتها وصحتها بل قد تبلغ إلى حد يحصل به التواتر بخلاف حديث: «لا ربي إلا في النسيئة» وعلى فرض صحته نحمله على الجنسين المختلفين كالذرة بالشعير والفضة بالذهب ليصح العمل بالدليلين. فلو لم نحمله بطل العمل بقوله ÷: «مثلا بمثل» وهو لاحق بالمتواتر.

  واعلم أن جميع العلماء القائلين بثبوت القياس يذهبون إلى تحريم الربى فيما وجدت فيه علته فالبعض جعل العلة اتفاق الجنس والتقدير مثل الذهب بالذهب فيقيس عليه تحريم بيع اللؤلؤ باللؤلؤ متفاضلا ونسأ ولم يعتبر البعض لأن الأصل غير مطعوم وهما غير قوتين أيضا، ويقيس تحريم الحلبة على الملح لكون العلة اتفاق الجنس والتقدير بالكيل وهما غير قوتين وهذا الذي اختاره أهل مذهبنا الأئمة الاطهار $.

  وأما نفاة القياس فلا يقيسون على المنصوص غيره.