(باب بيع الأجناس بعضها في بعض)
  وأعلم أن القياس قد ثبت بأدلة قطعية كقوله تعالى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ٢}[الحشر] وقد تقدم للإمام المنصور بالله القاسم بن محمد سلام الله عليه: ذكر وجوب العمل بالقياس مع الاستدلال على ذلك في الاعتصام بحبل الله المتين فخذه من فصل: اعلم أن الأدلة التي يجب العمل بها هي كتاب الله الخ والحمد لله رب العالمين وصلواته وسلامه على سيدنا محمد وآله الطاهرين. ويزيد ما ذهب إليه وضوحا ما رواه في الشفا عن عمران بن حصين أن النبي ÷ قال: «لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين ولا الدينار بالدينارين، ولا الصاع بالصاعين». إذ ليس المراد نفس آلة الكيل الذي هو الصاع بل المراد به ما يكال في الصاع فاقتضى تحريم التفاضل في جميع جنس المكيلات.
  وفيه خبر: وروى أنه ÷ وجد عند بعض أهله تمراً جيداً فقال: «من أين لكم هذا؟ فقالوا ابدلنا صاعين بصاع. فقال: لا يصلح صاعان بصاع ولا درهمان بدرهم». والخبر المتقدم في الأحكام «أهدى لرسول الله ÷ فلم يرد منه شيئا» إلى آخر الحديث.
  وفي الشفا: وروى أبو سعيد الخدري وأبو هريرة أنه امر سوار بن عروبة أخابني عدي الأنصاري على خيبر فأتاه بتمر جيد فقال له: أكل تمر خيبر هكذا فقال: لا ولكنا نشتري الصاع بالصاعين والثلاثة بصاعين فقال: «لا تفعلوا، ولكن بيعوا تمركم هذا بعوض واشتروا بثمنه من هذا». وكذلك الميزان. قد أخرج هذه الرواية بلفظها البخاري ومسلم الا انهما روياه «فأتاه بتمر جنيب». والجنيب من التمر بفتح الجيم وكسر النون وسكون المثناه من اسفل والباء الموحدة: نوع من جيد التمر. نعم وذكر الميزان بقوله وكذا الميزان المراد به الموزون نفسه لا آلة الوزن فقد صح اثبات الحكم بعلة متعدية غير قاصرة ومن علل بالطعم أو الاقتيات فعلته لا تخلو من قصور والعلة القاصرة مختلف في صحة إثبات القياس بها عند من يقول بثبوت حجته. وموضوعه كتب أصول الفقه. ثم رجعنا بزيادة الأستدلال لتحريم بيع الأجناس بعضها ببعض فقال في شرح الأحكام: أخبرنا السيد أبو العباس | قال: أخبرنا أحمد بن سعيد قال: أخبرنا عبد الوهاب بن علي قال: حدثنا هاشم بن القاسم أبو النظر قال: حدثنا الليث بن سعد قال: حدثنا سعيد بن يزيد أبو شجاع الحميري، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد