الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [فيما ورد من أحاديث عن رسول الله ÷ أنه ترك في المسلمين كتاب الله تعالى وسنته وعترته أهل بيته وبيان منهم أهل بيته وما يجب على المسلم نحوهم]

صفحة 139 - الجزء 1

  تبعي، وإنكم توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فأسالكم عن ثقلي: كيف خلفتموني فيهما؟ فقام رجل من المهاجرين، فقال: ما الثقلان؟ فقال: الأكبر منها كتاب الله تعالى، سبب طرفه بيد الله، وسبب طرفه بأيديكم، فتمسكوا به، والأصغر: عترتي، فمن استقبل قبلتي، وأجاب دعوتي، فليستوص بهم خيراً - أو كما قال رسول الله ÷ - فلا تقتلوهم، ولا تقهروهم، ولا تقصروا عنهم، وإني قد سألت لهم اللطيف الخبير، فأعطاني أن يردا عليّ الحوض، كتين أو كهاتين - وأشار بالمسبِّحتين -، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليها لي وليّ، وعدوهما لي عدو».

  وقال الحافظ جمال الدين المذكور: ورد عن عبد الله بن زيد، عن أبيه، أن النبي ÷ قال: «من أحبّ أن يُنسى له في أجله، وأن يُمتع بما خوله الله ø، فليخلفني في أهلي خلافةً حسنة، فمن لم يخلفني فيهم بُتر عمُره، وورد علىّ يوم القيامة مسودًا وجهه». انتهى: يعني ما نقل من كتاب الحافظ جمال الدين محمد بن يوسف الزّرندي.

  وفيه أيضاً: وفي الباب عن زيادةٍ على عشرين من الصحابة.

  فعن جابر بن عبد الله الانصاري ¥ قال: رأيت رسول الله ÷ يوم عرفة، وهو على ناقته القصوى⁣(⁣١)، يخطب، «فسمعته يقول: يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي بيتي».

  وأخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب. وابن عُقدة في الموالاة إلا أنه قال: كنا مع رسول الله ÷ في حجة الوداع، فلما رجع إلى الجحفة مر بشجرات، فَقُمَّ ما تحتهن، ثم خطب الناس فقال: «أما بعد أيها الناس، فإني لا أراني إلا موشِكاً أن أُدعى فأُجيب، فإني مسؤول، وأنتم مسؤولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد إنك قد بلغت، ونصحت، وأدَّيت. قال: إني لكم فَرَط، وأنتم واردون عليّ الحوض، وإني مُخَلِّفٌ فيكم الثقلين» الحديث.


(١) القصوى الناقة التي قطع أذتها، و كلماقطعه من الأذن فهو جدع، فإذا بلغ الربع فهو قصع، ماذا جاوزه فهو عقب. فإذا استؤصلت فهو صَلْم، ولم تكن ناقة النبي ÷ قصوى، وإذا كان هذا لقباً لها، وقيل كانت مقطوعة الأذن، وقد جاء في الحديث: أنه كان له ناقة تُسمى العضباء، وناقة تسمى الجدعاء، وفي حديث آخر صلماء، وفي رواية أخرى مخضرمة هذا كله في الأذن انتهي من النهاية.