الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [أحكام اليمين متعلقة بنية صاحبها وقصده]

صفحة 293 - الجزء 4

  وقال أبو حنيفة: والرطب والعنب والرمان ليس من الفاكهة واستدل بقوله تعالى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ٦٨}⁣[الرحمن] وقال ليس الشيء يعطف على نفسه ولقوله تعالى {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ٢٧ وَعِنَبًا}⁣[عبس: ٢٧ - ٢٨] إلى قوله تعالى {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ٣١}⁣[عبس] وقال: ليس اللؤلؤ من الحلي إلا أن يرصع بالذهب أو الفضة لقلة استعماله دونهما عند أبي حنيفة ذكر معناه في البحر واستدل عليه بقوله تعالى {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ٢٣}⁣[الحج] وبقوله تعالى {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}⁣[النحل: ١٤].

  قلنا: العرف أن اللؤلؤ من الحلية عند كل الناس والفاكهة لكل ما يتفكه من الثمار التي تأتي وقتاً من الزمان. وتفقد وقتاً وكذلك العنب والرمان وأما قوله تعالى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ٦٨}⁣[الرحمن] فإنه عطف بعض تفسير المجمل على بعض فالمجمل {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ}⁣[الرحمن: ٦٨] فالفاكهة جملة والرمان من بعض تفسير المجمل، ومن ذلك قول الله تعالى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ}⁣[البقرة: ٩٨] وهما من جملة الملائكة بقوله تعالى: فيهما فاكهة ونخل ورمان: باطل مردود قلت: أما الرطب عند من يتقونه عادة كأهل المدينة المشرفة والعنب عند من يعتاده قوتاً وطعاماً في محله فلا يبعد في عرفهم أن لا يسميا عند أهلهما المقاتلين لهما فاكهة فلا يحنث من حاله بأكلها لو حلف لأكل الفاكهة.

  في الشفا خبر وعن النبي ÷ أنه قال «أحل لكم ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال».

  دل على أن من حلف لا يأكل لحما فأكل كبداً أو طحالا لم يحنث لان النبي ÷ لم يسمها لحماً.

  وفيه خبر وعن النبي ÷ انه قال من باع عبداً وله مال فما له للبايع إلا أن يشترط المبتاع».