الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب الكفارة)

صفحة 296 - الجزء 4

  وفي أصول الأحكام خبر وعن النبي ÷ أنه قال: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرآئكم» ومعناه في الشفاء وقال الله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}⁣[التوبة: ٦٠] الآية وفي الأحكام قال يحيى بن الحسين #: لا يجوز أن يصرف كفارة المسلمين إلى غيرهم من الذميين ولكن ينتظر بها أهلها من فقراء المسلمين حتى تصرف فيهم ويؤثروا بها دون غيرهم.

  وقد قال غيرنا أنها تجوز في فقراء أهل الذمة ولسنا نقول إلا أنها لا تكون إلا في فقراء أهل الملة التي يجوز فيها زكاة أغنيائهم وبها حكم الله لهم في أموالهم فحيث جازت زكاة المسلمين وأعشارهم جازت كفاراتهم وصدقاتهم وفي الجامع الكافي قال القاسم ومحمد ولا يجوز ان يطعم في كفارة اليمين الا مساكين المسلمين ولا يطعم يهوديا ولا نصرانيا.

  وقال محمد فإن أطعم⁣(⁣١) ذميا فان جهل فأطعم أو كسا لم يجزه وفيه: قال القاسم وقد قال غيرنا أن إطعام أهل الذمة يجزي في الكفارة ولا يعجبنا ذلك انتهى في أصول الأحكام فان قيل روي ان الناس تجنبوا دفع الصدقة إلى غير أهل دينهم فأنزل الله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}⁣[البقرة: ٢٧٢] فقال النبي ÷ «تصدقوا على أهل الأديان» قلنا: المراد صدقة التطوع لما قدمنا من الأدلة: وأَرُدُّها في فقرائكم والإجماع على أنه لا يجوز دفعها إلى الحربي والأسير الحربي فكان المراد المذكور في الآية في قوله تعالى واسيراً أن المراد فتصدق عليه تطوعا لا لواجب وقياسا على الماء فإنه لا يطهر إلا الماء الطاهر دون الماء النجس بالبول كذلك لا يُطَهِّر في الزكاة والكفارات الا الفقير الطاهر بالتوحيد دون الفقير المختلط بأنجاس أرجاس الشرك.

  أما الإطعام فهو على وجهين تمليك واباحة.

  في الجامع الكافي: قال القاسم والحسن @ في كفارة اليمين كما قال الله تعالى {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}⁣[المائدة: ٨٩] قالوا: يعطى كل مسكين مُدَّين من حنطة لغدآئه وعشائه قال محمد أو صاعا من شعير أو تمر أو زبيب وفيه: وروى محمد بأسانيده عن علي # وعمر ومجاهد وسعيد بن جبير وابن مالك وابراهيم والحكم وسفيان في


(١) لفظ الجامع الكافي قال محمد فإن جهل فاطعم ذميا أو كساه لم يجزه تمت.