(باب النذر)
  قلت وهو الموافق لما تقدم في الحج فيمن جعل ماله في سبيل الله بأنه يصرف ثلثه في القُرب.
  ودل على أن مخرج النذر من الثلث حيث علق النذر بالعين أو الدين فأما حيث علقه بذمته نحو ان يقول الله على ألف مثقال وهو لا يملك شيئاً في تلك الحالة فإنه يلزمه المنذور به كله، لان الذمة واسعة، سواء كان في حال الصحة، أو في حال المرض، لانه بمثابة الدّين، وهذا إذا لم يخرج مخرج اليمين المركبة، إذ لو أخرج النذر مخرج اليمين المركبة، خير بين الوفاء به، أو كفارة يمين، والله أعلم. وأخرج أبو داود عن ثابت بن الضحاك قال «نذر رجل على عهد رسول الله ÷ أن ينحر إبلاً ببوانه فأتى رسول الله ÷ فأخبره فقال رسول الله ÷: هل كان بها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا. قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. فقال رسول الله ÷ أوف بنذرك، فإنه لا وفاء بنذر في معصية ولا فيما لا تملك» قلت ولعل الامر أمر إرشاد بسوقها إلى بوانه لا واجب» والله اعلم. أخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة ان رسول الله ÷ قال «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين» دل على أنه لو كان ببوانه صنم لم ينعقد النذر لكن يلزمه كفارة يمين.
  وأخرج أبو داود عن عبدالله بن عمر قال: سمعت رسول الله ÷ يقول «لا نذر إلا فيما يبتغي به وجه الله، ولا نذر في قطيعة الرحم». وأخرج النسائي عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ÷ «لا نذر في معصية الله ولا في مالا يملك ابن آدم» وأخرج النسائي وأبو داود من طرف حديث طويل وفيه «لا نذر في غضب الله وكفارته كفارة يمين».
  قلت والمطلق في النذر بالمحظور عن ذكر الكفارة يحمل على المقيد.
  وأخرج رزين عن محمد بن المبشر «أن رجلا نذر أن ينحر نفسه إن نجاه الله من عدوه فسأل ابن عباس فقال له سل مسروقاً فسأله؟ فقال لا تنحر نفسك فإنك ان كنت مؤمناً قتلت نفسا مؤمنة وإن كنت كافراً تعجلت إلى النار واشتر كبشاً فاذبحه فإن إسحاق خير منك وفدي بكبش. فأخبر ابن عباس فقال: هكذا كنت أريد أن أفتيك» وقد تقدم هذا في آخر كتاب الحج. وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة قالت: «سمعت رسول الله يقول: من نذر أن يطيع الله فليف بنذره ومن نذر أن يعصي الله فلا يف به. وفي لفظ رواية البخاري «من نذر أن