الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [في إنقاذ النفس من تلف أو موت بسبب الجوع أو العطش]

صفحة 370 - الجزء 4

  فإن التبس فوجهان يحرم اذ هو الأصل ولقوله تعالى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}⁣[الأعراف: ١٥٧] ولا تحرم لعموم قوله تعالى {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٤٥}⁣[الأنعام] والوجه الآخر أصح للآية ولقول ابن عباس وما سكت عنه فهو عفو، ولما قدمنا من الآثار أول الباب مما حرم علي الأمم السابقة إذا أخذ عن النبي ÷ أو مسلمي اهل الكتاب اذ يلزمنا شرع من قبلنا ما لم ينسخ.

  قال الإمام المهدي # إن قرره الرسول ÷ والا لم يلزم والأمر كما قاله # ان التقرير في الشريعة شرط لازم لقوله تعالى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ٤٤}⁣[النحل].

(فصل) [في إنقاذ النفس من تلف أو موت بسبب الجوع أو العطش]

  ومن اضطر إلى أكل شيء من المحرمات ما لم يذكر نصا كمثل ما يظن فيه السم إن استعمله كخصية كلب البحر المسمى في كتب االطب الجند بادستر فقد ذكروا أنه إن لم يدبر كان من السموم، وذلك الاضطرار إما خوف من مرض يحدث، يخشى منه التلف، أو جوع يضر، أو يعجز عن المشي أو معه داء لم يذهبه الا المحرَّم، كمن ساع لقمته المغصوص بها بالخمر، أو شربه للعطش، جاز له التناول بقدر الحاجة، لقوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٧٣}⁣[البقرة] وتفسير قوله {غَيْرَ بَاغٍ} أي متلذذ. وقوله {وَلَا عَادٍ} ولا مجاوز لدفع الضرورة.