شهادة أهل الذمة على المسلمين.
  مسلم مهاجر خرجوا إلى الشام تجارا فلما قدموا الشام مرض بَدِيْل وكتب كتاباً فيه نسخه جميع ما معه وطرحه في جوالقه ولم يخبر صاحبه بتوقيعه وأوصى إليهما وأمرهما أن يدفعا متاعه إلى أهله إذا رجعا ومات بديل وأخذا من متاعه: إناء من فضة منقوشا بالذهب، ودفعا باقي المتاع إلى أهله لما قدما ففتشوا فأصابوا الصحيفة يذكر ما كان معه فيها وفيها ذكر الإناء فقالوا: لتميم وعدي إنا فقدنا إناء من متاعه من فضة فيه ثلاث مائة مثقال. قالا: لا ندري إنما أوصى بشيء وأمرنا أن ندفعه إليكم فدفعناه وما لنا بالإناء من علم فترافعوا إلى رسول الله ÷ فأنزل الله هذه الآية والتي بعدها.
  وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي عن ابن عباس ® قال خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن يزيد فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدموا بتركته: فقدوا جاماً من فضة مخوصاً بذهب فأحلفهما رسول الله ÷ ثم وجد الجام بمكة فقالوا ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أوليائه فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم. قال: وفيهم نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}[المائدة: ١٠٦] الآية فالآية هذه مخصصة لقوله تعالى واشهدوا ذوي عدل منكم واستشهدوا شهيدين من رجالكم لكونها حالة ضرورة مع السفر حين لم يكن معهما بتلك الأرض مسلم يشهد بذلك والله أعلم.
  واستدل بهذه الآية على قبول البينة بعد تحليف المدعا عليه وجواز الشهود عند التهمة والله اعلم.
  وهل تقبل شهادة القاذف إذا تاب.
  في الشفا خبر وروى «أن عمر لما جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بالزنا وهم أبو بكرة وسهل بن معبد وثالت قيل زياد وقيل نافع قال: توبوا تقبل شهادتكم فتاب اثنان فقبل شهادتهما ولم يتب أبو بكرة فرد شهادته».
  وروى في الجامع الكافي عن زيد بن علي ومثله عن أبي حنيفة وشريح وابن المسيب والحسن وابراهيم: أن شهادة القاذف لا تقبل وإن تاب تمسكاً بقوله تعالى